الجمعة، 22 نوفمبر 2024 11:53 ص

"الجنس مش قلة أدب".. الأزهر والكنيسة تقدمان دروسا جنسية وأسرية للمقبلين على الزواج

"الجنس مش قلة أدب".. الأزهر والكنيسة تقدمان دروسا جنسية وأسرية للمقبلين على الزواج الأزهروالكنيسة تقدمان دروسًا جنسية
السبت، 11 فبراير 2017 01:50 ص
كتب: سارة علام ولؤى على وإسماعيل رفعت
"أدبحلها القطة"، و"إن غلبك بالمال أغلبيه بالعيال"، تراث كبير من الأمثال الشعبية التى عاش عليها المصريون سنوات طويلة باعتبارها نصائح صالحة لبدء حياة زوجية سعيدة، ورغم أنها جزء من الموروث الشعبى المصرى فإن كثيرا منها يفتقر إلى أبسط قواعد العلم أو المنطق، كذلك فإن غياب دروس التربية الجنسية التى تقدم فى المدارس فى الكثير من الدول يجعل دخول الزوج أو الزوجة إلى الحياة الجديدة أشبه بمغامرة محفوفة بالعديد من المخاطر، أهمها غياب المعرفة العلمية والنفسية اللازمة للشراكة الأسرية.

دروس جنسية ونفسية تكمل نقائص المعرفة عكفت الكنيسة القبطية على تقديمها منذ سنوات بعد أن حاصرتها مشكلة الطلاق منذ العام 2008 حين منع البابا شنودة الطلاق إلا لعلة الزنا فتفتق ذهن القائمين على المؤسسة الدينية إلى الوقاية قبل الاضطرار للعلاج، حتى أن الكنيسة جعلت دورات المشورة الأسرية كما يطلق عليها شرطًا لإتمام الزيجات التى ستتم منذ يوليو 2017، كذلك فإن المؤسسة الأزهرية ووزارة الأوقاف لم تكن بعيدة عن ذلك، فعملت هى الأخرى على تقديم دروس مشابهة فى المساجد للقادمين إلى عش الزوجية بإرادتهم.

بعد أيام ينطلق البرنامج الرابع للمقبلين على الزواج فى دار الإفتاء المصرية حيث بدأ العمل بتلك الدورات منذ العام 2014، بعدما لاحظت دار الافتاء كثرة الأسئلة عن الطلاق التى تجاوزت 3200 فتوى شهرية مثلما يقول الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية وهو ما دفع الإفتاء إلى تنظيم تلك البرامج التأهيلية.


الدكتور عمرو الوردانى المشرف على البرنامج يقول لليوم السابع أن دار الإفتاء تتوقع من المتدرب فى نهاية البرنامج أن يكون قادرا على إدراك الحقوق والواجبات الشرعية المشتركة بين الزوجين،و فهم طبيعة كل طرف من الناحية النفسية والاجتماعية،و الإلمام بالمهارات والخبرات اللازمة للحياة الزوجية، التعامل مع المشكلات المسببة لفشل الزواج.


وعن بعض موضوعات البرنامج فهى تنقسم بين شرعية واجتماعية ونفسى وطبى وإرشادات عن الصحة الإنجابية، فبالنسبة للأحكام الشرعية يتم الحديث عن أسس اختيار الزوج والزوجة، والخطبة، وعقد الزواج، وآثار عقد الزواج، وتنظيم الإنجاب.

وبالنسبة للإرشاد النفسى والاجتماعى فيتم الحديث حول تهيئة الزوجين للحياة الزوجية، وتدريب الزوجين على حل الإشكالات الزوجية،وتدريب الزوجين على التعامل مع ضغوط الحياة الزوجية.


أما بالنسبة للإرشاد الطبى والصحة الإنجابية فتكون موضوعاته عن نصائح عامة للمقبلين على الزواج، وبيان الاضطرابات التى تحدث بعد الزواج،و نصائح متعلقة بالإنجاب وسبل تنظيمه،كما يخصص جزء خاص لديكور المنزل ليساعد على حسن العشرة.


كما يدرس الأزهر حاليًا، تطبيق تجربة الكنيسة والزام المقبلين على الزواج بتلك الدورات مثلما قال مصدر أزهرى لبرلمانى.


كنت من المعنيين بفكرة التأهيل للحياة الزوجية، ما دعانى للبحث عن من يلبى مطلبى ويعقد دورة فى هذا الشأن بالمساجد لحين معرفتى بالدورة التى أسرعت فى الاشتراك بها، بهذه الكلمات وصفت سلسبيل محمد "إحدى متدربات المؤسسة الدينية فى دورة المقبلين على الزواج" سبب التحاقها بالدورة المقامة من أجل تأهيلهم لبدء حياة اجتماعية أفضل.


وأكدت سلسبيل، فلسطينية الأصل، مقيمة بالقاهرة، أنها حضرت إلى دورة تأهيل المقبلين على الزواج بصحبة صديقتين فى مكان موثوق به إلى مدربين يستمدون علمهم من التخصص الذى درسوه، وهم موثوق بهم.


وأوضحت سلسبيل، أنه من الأهمية بمكان أن يتم توعيتك قبل الزواج بمتطلبات الزواج، وذلك حتى نتلافى مشكلات كثيرة بشيئ من التوعية، مشددةً على أهمية التوعية بالزواج بنفس الحرص على توقيع الكشوف الطبية على المقبلين على الزواج.


ولفتت سلسبيل، إلى قلة نسب الطلاق فى أندونيسيا بسبب دورات الزواج، كما تشترط دولة فلسطين الحصول على رخصة زواج بالحصول على دورة تأهيل المقبلين على الزواج وذلك لتلافى الأخطاء والحفاظ على الأسرة، مطالبة الشباب بالحصول على هذه الدورات لتقليل المشكلات الى يعانى منها المجتمع العربى.



أما فى الكنيسة فإن المؤسسة المسيحية تفتح الباب أمام المقبلين على الزواج للتسجيل فى معاهد المشورة الأسرية أو معهد الرعاية والخدمة بالكاتدرائية الذى يحاضر فيه البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أو فى مقار الكنائس بالإيبراشيات المختلفة، حتى إن الدورات خلقت لها نجومها من المحاضرين الذين يحظون بشهرة وجاذبية أكثر من غيرهم مثل الدكتور عادل حليم خبير العلاقات الزوجية، الذى أصدر ما يقرب من عشرة إصدارات فى هذا المجال والدكتورة ماجدة شفيق التى قدمت محاضرات مهمة عن تشريح الجهاز التناسلى للرجل والمرأة والجنس فى الحياة المسيحية.


يخضع نظام دورات المشورة الأسرية فى الكنيسة إلى نظام اللامركزية بين الإيبراشيات، فالمجمع المقدس يضع القواعد العامة ويترك للأسقف المسئول مهمة التطبيق، ففى بعض الإيبراشيات مثل المحلة الكبرى ألزمت الكنيسة المقبلين على الزواج على حضور كورسات المشورة، مثلما تلزمهم بعدد معين من المحاضرات وإلا لن يتم السماح لهم بدخول الامتحانات، لكن إيبارشيات أخرى مثل إيبارشية "شبرا الشمالية"» سهّلت على رعاياها الأمر بطرح كورسات مشورة إلكترونية عبر "فيس بوك" و"سى دى"، حيث يقوم الشخص بمشاهدة محاضرات محددة على موقع الإيبارشية، وبعد شهر يتقدم للامتحان الشفوى والتحريرى، وإذا نجح بنسبة أكثر من 70% سيحصل على شهادة تفيد حصوله على "كورس مشورة الارتباط"، على أن يتقدم الشخص بتسجيل بياناته فى الاستمارة المعدة لذلك والمتوافرة فى كل كنائس شبرا الشمالية، ويدفع الرسوم ويقدم صورة من الرقم القومى، وسيحصل على كشف بأسماء المحاضرات والـ"سى دى"، وبعد شهر من استلام الاستمارة سيتم إبلاغه بميعاد الامتحان.


بعد انتهاء تلك الدورات يتم عقد امتحانات للمقبلين على الزواج فى المحاضرات التى تم تدريسها لهم، ولا تعطى شهادة إتمام الكورس إلا لمن يجتاز تلك الكورسات بالحصول على 70 درجة على الأقل فى الامتحان من إجمالى مائة درجة، وهى الشهادة التى بدونها لا يُمنح المقبلون على الزواج شهادة "خلوّ الموانع" والتى تُعتبر أحد الشروط الأساسية لكتابة عقد الزواج وإتمام طقس الزواج الكنسى "الإكليل"، حيث ينص قانون الأحوال الشخصية الجديد فى مادته "26" فقرة "9"، على أنه يثبت الزواج فى عقد يحرره رجل الدين المسيحى المرخص له من رئاسته الدينية بإجرائه، ويشمل عقد الزواج بالأخص على البيانات الآتية: إثبات حصول الزوجين على شهادة خلوِّهما من الموانع الزوجية من الكنيسة التى ينتمى إليها كل من الزوجين.


وتضاف الكورسات الكنسية الإلزامية للمقبلين على الزواج إلى ما سبق أن قررته الكنيسة من تطبيق الكشف الطبى الإجبارى على الأقباط لإعطاء تصاريح الإكليل بعد ضم كشف إدمان المخدرات له، وذلك منعاً للمشاكل الزوجية التى يسببها، واتساقاً مع نصوص قانون الأحوال الشخصية الجديد للأقباط الأرثوذكس الذى أقرته الكنيسة، ويُنتظر تقديمه للبرلمان خلال دور الانعقاد الثانى له.


قال القمص سرجيوس سرجيوس وكيل البطريركية وعضو المجمع المقدس، فى تصريح لـ"اليوم السابع"، إن اهتمام الكنيسة الكبيرة بالأسرة يأتى بفضل فهمها العميق لدور الأسرة باعتبارها كنيسة مسئولة عن ولادة أعضاء جدد، وهى التى تحمى الإيمان وتحفظه وتختبره وتعيشه، مؤكدا أن الكنيسة اختبرت تجربة كورسات المشورة الأسرية فى بعض الإيبراشيات منذ سنوات مثل المعادى وشبرا الخيمة والإسكندرية وتبين لها تحسنا فى النتائج.




فيما تؤكد كاترين الطالبة بمعهد الرعاية والخدمة الكنسى أن تربيتها فى مجتمع محافظ بمنطقة قريبة من حلوان حال دون فهمها لما يعنيه الجنس ودوره فى الحياة الزوجية، وأن معلوماتها فى هذا الأمر لا تتخطى ما درسته فى مادة الأحياء بالثانوية العامة قبل أن تنسى كل ذلك وتنخرط فى الدراسة بكلية التجارة، أما الآن فتعرفت على أشياء كثيرة واستمعت لأول مرة إلى مفاهيم العلاقة الزوجية برفقة خطيبها ما أزال كثيرا من الحرج.


فى محاضرتها التى تحمل عنوان "أهمية الكشف الطبى قبل الزواج"، شرحت الدكتورة ماجدة ما يعنيه غشاء البكارة وقالت إن الاسم باللغة الانجليزية يعنى الحجاب أى يحجب شيئا عن شىء، وفى التشريح يسمى الحجاب الذى يمنع الأعضاء التناسلية، لافتة إلى أن الأعضاء التناسلية للرجل خارجية، أما الأعضاء التناسلية الأنثوية داخلية حافظ عليها الله ووضع عليها العديد من الحواجز، مرجعة تسمية "غشاء البكارة" إلى عادات أفريقية وعربية دون أى تأصيل علمى.


وتضيف: لكننا تأثرنا بمفهوم غشاء البكارة بشدة، وهذا لا يعنى أن تصبح الفتيات منحلة، لكن الأهم هو طهارة الروح والعقل ففى يوم الزفاف يعلن الكاهن زواج الابن البكر الأرثوذكسى من الابنة البكر، رغم أن الرجل ليس لديه غشاء بكارة لكن الكنيسة الواعية استعارت ذلك من الكتاب المقدس وهى تقصد بكارة العقل ونقاوة القلب مستطردة "ومن الممكن أن تحتفظ من تعمل بمهنة الدعارة ببكارتها"،


وطالبت خبيرة المشورة الأسرية الأزواج بتحمل أعراض الدورة الشهرية لزوجاتهن فقالت إن الزوجة تصبح عصبية ومكتئبة وتميل للبكاء دون سبب واضح، فإذا وجدت زوجتك عصبية ارحمها، وانصحها بالبعد عن الموالح أثناء الدورة الشهرية، لافتة إلى أن الزوجة المسيحية تبتعد عن العلاقة الجنسية قبل طقس التناول، ليس لأن الجنس بين الزوجين خطية بل لأننا سنشرب دم المسيح ونأكل جسده، ونستعد لذلك،


وحذرت ماجدة مما أسمته من صدمة ما بعد الزواج التى تتسبب فى أكبر نسب طلاق فى مجتمعنا، حيث يعانى 70% من الأزواج من تلك الصدمة رغم إنها طبيعية كالإصابة بدور البرد وغالبا ما تحدث فى أول عامين، فيفاجئ الزوجين بطباع لم يعتد عليها أثناء فترة الخطوبة وأحيانا يشعر الرجل أنه دخل الفخ برجليه.


وتابعت ماجدة: الحقيقة أن الزواج علاقة مقدسة وليس مجرد علاقة حميمة فالكتاب المقدس يقول افرح بامرأة شبابك، معتبرة أن صدمة التغيير وارتفاع سقف التوقعات أهم أسباب الإصابة بتلك الصدمة.


وحذرت الطبيبة الفتيات فى فترة الخطوبة من التغاضى عن بعض الصفات التى تكرهها فى شريك حياتها كعدم تقدير الطرف الآخر وعدم الإحساس به، قائلة: "أحيانا نتغاضى عن طباع شخصية مثل البخل فى المشاعر والعصبية، وأرجوكم لا تتغاضوا عن ما لا تستطيعون احتماله وما لا تستطيعون التعايش معه".


أما الدكتور عادل حليم وفى محاضرته الإعداد للزواج والتى أسهب فيها فى الحديث عن الخطوبة فقال إن الارتباط الزوجى وعد اختيارى بين رجل وامرأة يعطى الواحد قلبه للآخر، وهو قرار مصيرى يتعلق بالبقية الباقية من حياتهما، ومسئولية والتزام يتطلب درجة كافية من النضج، وهو صداقة وصحبة، إذ يصبح كل منهما رفيقا للآخر فهو ليس رباطا اجتماعيا بل إلهيا إنسانيا.


وفى محاضرة عن الثقة بين الزوجين، قال حليم إن الثقة عامل من عوامل نجاح العلاقة بها تبنى أساسات البيت ولا تحتاج لقصائد شعر رومانسية فهى واقع ملموس فى حياة الشريكين، مضيفًا: فى المراحل الأولى للعلاقة يجب أن نضع أهدافا واضحة وكيف نطبق الثقة فى تعاملاتنا اليومية.


واعتبر حليم أن الثقة تولد حاجزا ضد هفوات الحياة، خاصة عندما يتدخل أحد الأشخاص المتطفلين كى يزعزع ويثير المشاكل بين الطرفين، مفرقًا بين مشاعر الرجل والمرأة واهتماماتهما منذ الصغر.

print