تحليل: مصطفى النجار
كشف الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية لشئون الخزانة، أمس أثناء مناقشة نظمتها غرفة التجارة والصناعة الفرنسية، أنه تم رفع ميزانية التأمين الصحى خلال الشهرين الماضيين، من 6 مليارات جنيه إلى 9 مليارات جنيه بنسبة 50%، إلا أن الدكتور تامر حامد، رئيس منظومة العلاج على نفقة الدولة بوزارة الصحة والسكان، قد أكد في شهر مايو الماضى، أن ميزانية التأمين الصحى تبلغ 8.2 مليار جنيه، ينفق منها 1.2 مليار جنيه على العلاج، و7 مليارات على أجور العاملين بالتأمين الصحى بالجمهورية، منها 2.7 مليار جنيه ميزانية العلاج على نفقة الدولة تنفق جميعها على علاج المرضى غير القادرين، وهم 45 % من عدد المصريين.
وليس الجدل هنا حول حجم الميزانية الفعلية للتأمين الصحى رغم تضارب التصريحات الحكومية، لكنه لا يمكن سوى التسليم إلا بنقطة جوهرية، وهى أن جميع المواطنين يحصلون على 9 مليارات جنيه سنويًا، بواقع 173 جنيها و7 قروش لكل فرد، وهو مبلغ لا يكفى لصرف روشتة أدوية، وهو ما يفسر المستوى المتدني لخدمات مستشفيات التأمين الصحى وقلة الأدوية وضعف الرعاية الصحية والطبية المقدمة لقرابة 52 مليون مستحق للتأمين الصحى، ولا أريد الخوض فى أن مبلغ الـ173 جنيه يصرف في عام أم في شهر فقط إذ أنه فى كلا الحالتين فلن يكون المبلغ مفيدًا لمحدودى الدخل، لأنهم الأكثر عرضة للأمراض الوبائية والمزمنة التى تتكلف شهريًا عدة آلاف من الجنيهات، مثل مرض السكر أو السكرى مثلًا، الذى يعاني منه قرابة نصف سكان مصر.
وتضررت خدمات التأمين بشدة كإحدى المرافق الهامة في الدولة التى لم تضع الحكومة حسابها قبل اتخاذ قرارات تحرير سعر صرف الجنيه "تعويم الجنيه"، والرفع الجزئى للدعم على الوقود والكهرباء، ما أدى لارتفاع التكلفة العلاجية المتدنية بالأساس، الأمر الذى رفع أعباء الديون الحكومية، ما يدفع للتساؤل عن السياسات الوقائية للحكومة لحماية حوالى 35% من فئة غير القادرين من الشعب المصري فى ظل أن الدولة تسعى لتحمل أعبائهم المالية فى مشروع قانون التأمين الصحى الشامل.
كما تدفع كل هذه المعطيات بضرورة التساؤل عن الغرض الحكومى من مشروع قانون التأمين الصحى الشامل، الذى يهدف لإلغاء فكرة العلاج على نفقة الدولة، تحت شعار أن المواطن سيكون له الأحقية فى الرعاية الصحية دون انتظار للدور.