قضى عم محمد الحريرى، عمره فى "الرفا" وحياكة وإصلاح الستائر والتابلوهات الثمينة، حتى أضحى أشهر من يعمل فى هذه المهنة المتوارثة، والتى تعرف قيمتها جيدًا القصور والسرايات منذ حكم أسرة محمد على لمصر، فالرفا الجيد عملة نادرة قل أن يُعثر عليها.
وشرب محمد الحريرى، مهنة الرفا من والده الأسطى "سيد الحريرى" الذى كان أحد أشهر رواد المهنة التاريخية، والذى صنع ستائر العديد من القصور والسرايات الشهيرة، ويمتلك واحدًا من أعرق محلات الرفا فى مصر.
ويعمل محمد الحريرى فى مهنة "الرفا" منذ أكثر من 60 سنة، حيث امتهنها وهو فى الـ11 من العمر، ولا يزال يعمل بها حتى الآن، مستعينًا بما اكتسب من مهارة ودقة وصنعة وخبرة جعلته يحصل بامتياز على لقب "رفا مبارك"، لقيامه برف الأشياء الثمينة فى قصور الرئاسة وبمنازل أسرة الرئيس الأسبق حسنى مبارك.
ويملك "عم محمد" العديد من الذكريات مع الرئيس الأسبق، حيث كان يلقى عليه التحية العسكرية كلما التقاه وهو يعمل فى القصر، ويرد "مبارك" السلام.
وروى "الحريرى"، لـ"برلمانى"، بداية عمله بالقصور الرئاسية، حيث أحضره أحد معارفه لقصر القبة، دون أن يخبره إلى أين سيذهبان، ثم بعد سلسلة من الأشخاص الذين تبادلوا استلامه، وجد نفسه واقفًا وسط أمن الرئاسة، مطلوب منه إصلاح «تابلوه تاريخى» ملقى على الأرض.
وعن شعوره فى هذا الوقت قال عم محمد المعروف بـ"أن يديه تتلف فى حرير وأن اللقب الذى يحمله "الحريرى" اسم على مسمى": "لو كنت اعرف كنت هرفض رهبة وخوفًا من المكان".
وعندما قدم "أسطى الرفا" إثبات الشخصية، صعد به الأمن إلى إحدى غرف القصر ليصلح "تابلوه"، وبعد فترة من الصمت المتبادل مع الحرس، فوجئ بدخول علاء مبارك عليهم، ولم يكن يعرفه من قبل، وسلم عليه هو وزوجته، وتحدثا معه عن التابلوه، وطالبا منى إصلاحه، فقال حينها: "عنيا ليك طالما عايزنى أصلحه".
وطلب عم محمد من علاء مبارك أن يساعده أحد صبيانه، لكن "علاء" رفض فى البداية، ثم وافق بعد ذلك حيث "ارتضوا أن يصلح التابلوه ويصمم الستائر لهم أيضًا ووافقوا على مرافقة الصبى له فى القصر".
وكشف "الحريرى" أن سوزان مبارك وزوجتى ابنيها هايدى وخديجة، لم يكنّ يتدخلن بآرائهن فى اختيار الستائر، وكانت هذه مهمة علاء الذى يصفه بـ"كان ذوقه حلو علشان محب للفن وبيفهم فى التابلوهات، أما اختيار الستائر فكان بيقولى هما عاوزين إيه وأنا أعمله".
وواصل عم محمد: "فى قصر العروبة وجدت أجمل تابلوه شفته فى حياتى، كان يمتلكه علاء مبارك، وكان مُطعما بالذهب، ولما مسحته بدأ يُبرُق فى القصر". وأكد "أسطى الرفا" أنه عمل لمدة 18 عامًا فى منازل أسرة مبارك، ورفا تابلوهات قصور الرئاسة، وصنع ستائر علاء وجمال، ودائمًا ما كان يفاجأ بأنه مطلوب من الأسرة الرئاسية السابقة، حيث كانوا يبلغون معارفه فيحضر.
ويصف "الحريرى" الذى عمل فى كل منازل عائلة مبارك بأنها "لم تكن الأكثر شياكة وأناقة"، ويقول: "أنا دخلت بيوت قد بيت الرئيس 10 مرات من الجمال والشياكة والأناقة، ولكن كانت أهم حاجة يتميز بها بيت الرئيس الأنتريهات والسجاد والستائر والتحف والأنتيكات".
وأوضح عم محمد، أنه فى البداية كان ممنوعًا عليه التواجد فى القصر أثناء وجود الرئيس الأسبق مبارك لدواعٍ أمنية، لكنه بعد فترة التقاه عدة مرات، وكان يقدم له التحية العسكرية، فيكتفى "مبارك" المتواضع حسب قوله برد السلام.
وأبدى "الحريرى" استعداده للعودة للعمل مع أسرة الرئيس الأسبق بعد براءة "مبارك" فى قضية قتل المتظاهرين، وإعلانه العودة إلى منزله، قائلًا: "مستنى الإشارة".