أكدت المؤسسة المصرية لحماية الدستور، أن دستور 2014 أولى وفى صدارة رؤيته للمقومات الأساسية للمجتمع المصرى، عنايته الواضحة للحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة وكفل الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم للشعب وقرر دعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل من خلال التزام الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين، يغطى كل الأمراض، وأناط بالقانون تنظيم إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقا لمعدلات دخولهم، بالإضافة إلى تخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى، للصحة لا تقل عن (3%) من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية، وتأكيد تجريم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.
وتابعت "المؤسسة" فى بيان رسمى لها اليوم الجمعة، أن مصر بصدد تقنين نظام جديد للتأمين الصحى الاجتماعى الشامل، فبالإمكان صياغته على نحو يجعله حجر الزاوية فى بناء منظومة ناجحة للرعاية الصحية اللائقة، بحرص الجميع على التعاطى الرشيد مع هذه الفرصة المتاحة، وفى مقدمتهم مؤسسات الدولة ذات الصلة سواء فى الحكومة أو فى البرلمان، آخذاً فى الاعتبار المعايير التالية:
1- احترام المنظور الدستورى للحق فى الصحة عند الصياغة التشريعية للقانون ليكون أداة فعالة للتنمية الإنسانية الوطنية وأحد المسارات المؤكدة إلى العدالة الاجتماعية المأمولة والاستقرار المنشود.
2- الاهتمام بمخرجات الحوار المجتمعى الجاد الممتد على مدى الخمسة عشر عاماً المنصرمة وملاحظات المواطنين وشواغلهم وتطلعاتهم بشأن التأمين الصحى الشامل والتى أثمرت تعديلات مهمة فى النسخ المتلاحقة السابقة لمشروع القانون، واستكمال هذا النهج الحوارى السديد بتنظيم جلسات استماع فى البرلمان لقطاعات المنتفعين من التأمين الصحى وذوى الخبرة فيه، بما فى ذلك خبراء التأمين الصحى الجزئى المطبق فى مصر منذ ستينات القرن الماضي.
3- الحفاظ المبدئى على مرافق الخدمات الصحية التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها لترقى إلى مستوى معايير الجودة المؤهلة لاندراج المرافق الصحية منذ البداية فى منظومة التأمين الصحى الشامل وضمان استمرارها لاحقاً ضمن هذه المنظومة، ومن ثم غلق باب أهدار أى مرفق منها -بالترك استبعاداً أو بيعاً- وهو ما يقرره الدستور وتؤكده أحكام القضاء الإدارى ذات الصلة والتى اقرت مبدأ ان الرعاية الصحية ليست مجالاً للاستثمار أو المساومة والاحتكار.
4- لتمكين الهيئة العامة للتأمين الصحى الشامل من القدرة على الإنفاق على الرعاية الصحية وفقاً للمحددات الدستورية، ومن أجل تخفيف العبء على جمهور المنتفعين، يتعين إعادة النظر فيما تم من تقليص عدد مصادر موارد الضرائب الموجهة إلى تمويل التأمين الصحى الشامل، حسب ما جاء فى النسخة الأخيرة من مشروع القانون المؤرخة 17/11/2016، بالمقارنة بعدد هذه المصادر فى نسخ سابقة من هذا المشروع بقانون.
5- الأصل فى التأمين الصحى الاجتماعى الشامل أن يدفع الكافة نسبة ثابتة من الدخل كاشتراك دورى بما يحقق العدالة بين المواطنين، وتتجنب نظم التأمين الفعالة فرض مساهمات إضافية عند تلقى الخدمة فعلاً، إلا فى أضيق الحدود من قبيل رسم موحد على تذكرة صرف العلاج أو نسبة بسيطة من قيمة الدواء، ضماناً لجدية طلب الخدمة وترشيداا لاستخدامها، ومشروع القانون المقترح يفتح باب تلك المساهمات واسعاً عند تلقى الخدمة فى العيادات الخارجية على شكل (20%) من كلفة الدواء و(10%) من كلفة الأشعة و(5%) من كلفة التحاليل بدون حد أقصى، وإلزام المنتفعين من الفئات الأقل قدرة (ذوى الأمراض المزمنة – أصحاب المعاشات - الأطفال بلا مأوى) بدفع (20%) من تلك المساهمات.
6- تتكفل نظم التأمين الصحى الشامل الفعالة فى العالم بتحمل أعباء هذا التأمين على الأطفال أو فرض نسبة رمزية ثابتة من الدخل كاشتراك فى هذا التأمين، إدراكا للارتباط الوثيق بين جودة صحة الأطفال ونجاح التنمية الوطنية فى مختلف المجالات وهو الأمر الذى نبه إليه الدستور المصرى فى المادة 80 منه، ومقتضى كل ذلك أن ينص مشروع القانون الماثل على نسبة رمزية من الدخل كاشتراك فى التأمين على الأطفال على أن تتحمل الخزانة العامة عبء الاشتراك التأمينى عن الأطفال المصريين للأسر من غير القادرين، الذين كثيراً ما تعجز عن الدفع وما قد يترتب عليه من حرمان الطفل من الدراسة، بالمخالفة للحق الدستورى فى التعليم وما يؤدى إليه ذلك من زيادة التسرب من المدارس وزيادة نسبة الأمية.
7- أخيراً، ينص مشروع القانون على تحمل الخزانة العامة سداد الاشتراكات عن غير القادرين ومن المهم تعريف مصطلح "غير القادر" بوضوح وذلك بالنص على أن غير القادر هو من يقل إجمالى دخله عن الحد الأدنى للأجور.
واستطردت المؤسسة، أنه فى ضوء المعايير المشار إليها فإنها تتطلع إلى انتهاء عمل اللجنة المختصة بالدراسة الاكتوارية لموارد والتزامات التأمين الصحى الشامل ونتائجه، علها تكون حافزاً على التجاوب مع احتياجات وتطلعات المصريين إلى رعاية صحية تأمينية مستحقة ولائقة.