أسوان بلد السد العالى منذ أكثر من 50 سنة مضت، ورغم ما يولده السد العالى من تيار يعد المصدر الرئيسى للكهرباء فى مصر، تعيش بعض المناطق داخل محافظة أسوان محرومة من خدمات الكهرباء، ففى نجع جبران التابع لقرية بلانة بمركز نصر النوبة، تتوقف الحياة لديهم مع غروب شمس النهار وحلول ظلام الليل.
حسن العبادى، مزارع، يبلغ من العمر 35 سنة، من المقيمين بنجع جبران، يتحدث لـ"اليوم السابع" عن مشكلة عدم توافر كهرباء بالمكان، قائلاً: "منذ ولادتى ونحن نعيش فى نجع جبران محرمون من خدمات الكهرباء، فالمنازل فى النجع بسيطة مبنية بالطوب اللبن وحياة الناس فقيرة وعلى قد الحال، ورغم انتشار الأجهزة الكهربائية الحديثة داخل المنازل فى كل المجتمعات إلا أن نجع جبران لا يزال لا يستخدم هذه الأجهزة التى تحتاج إلى تيار كهربائى لتشغيلها وهو غير متوافر لنا رغم أن أسوان بلد السد العالى كما يقولون".
حسن حسين، من أهالى نجع جبران، يتابع الحديث عن الأزمة قائلاً: "مع بداية فصل الصيف تصعب المعيشة فى نجع جبران، لأن اليوم الصيفى يبدأ بحرارة الشمس الساطعة وتزداد حرارتها مع حلول وقت الظهيرة، ويحتاج سكان النجع البالغ عددهم نحو 120 أسرة، إلى تشغيل مبردات أو حتى مراوح تخفف من معاناة الحر الشديد فى محافظة أسوان، حتى أن مياه الشرب تقطع باستمرار ويضطر الأهالى إلى ملأ جراكن المياه من ترعة مشروع رى وادى النقرة، أو من مرشح قرية أدندان، والقريبان من نجع جبران".
وأضاف حسن حسين، أنه مع غروب الشمس وحلول الظلام تنتهى الحياة فى نجع جبران، نظراً لعدم توافر كهرباء بالمكان، وتقوم النساء بغلق أبواب منازلهن حتى ينام الأطفال الصغار خوفاً عليهم من اللعب خارج البيت حيث تكثر العقارب والثعابين والحيوانات الضالة فى ظل انتشار الظلام الذى يعم المكان، كما أن الأسر تضطر للمبيت فى الأماكن المفتوحة بالمنزل خارج الغرف المغلقة نظراً للطقس الحار بمحافظة أسوان خلال فترة الصيف، كما يصعب الدخول والخروج من نجع جبران تحت أى ظرف من الظروف القهرية التى قد تطرأ على الأهالى فجأة ليلاً نظراً لظلمات الطرق والشوارع بالنجع.
عيد نصر، مزارع من أهالى جبران، يتحدث عن وجه آخر من المعاناة، قائلاً: "مع حلول شهر رمضان الكريم من كل عام تزداد المعاناة على أهالى نجع جبران أكثر"، مضيفاً أنه نظراً لعدم توافر ثلاجات لدى الأهالى بسبب انعدام التيار الكهربائى، فإن الأهالى يضطرون لشراء ألواح ثلجية تحل محل الثلاجات ومبردات المياه للأهالى، ويلجأ أهالى المكان لجلب نحو 20 لوح ثلج كل يوم من مدينة كوم أمبو، وهو الأمر الذى يكلفهم نحو 200 جنيه على الأقل يومياً، حتى يستطيع الأهالى شرب ماء وعصائر باردة خلال شهر رمضان ترويهم من عطش الصيام وحرارة الصيف فى أسوان، وعلق قائلاً: "خايفين على أولادنا من حالات التسمم الغذائى لأن مفيش ثلاجات تحفظ الطعام ويتعرض للإفساد ويترك فى أحيان كثيرة ولا يتناوله أفراد الأسرة ويصير طعاماً للمواشى والحيوانات والطيور المنزلية".
وأوضح عيد نصر، بأن إحدى المنح الإماراتية ساهمت فى تركيب بعض ألواح الطاقة الشمسية فوق المنازل، منذ أكثر من عام تقريباً، ومع مضى الوقت تعرضت هذه الألواح للأعطال وضعف بطارياتها وأصبح التيار الناتج عنها لا يكفى حتى لتشغيل مروحة واحدة فى المنزل الواحد أما باقى الأجهزة لا يمكن للأهالى شراؤها لأنها لا تعمل مع الطاقة الشمسية الضعيفة وتحتاج تيار كهربائى ثابت، غير أن الطاقة الشمسية تعمل ساعة وساعة وقبل نهاية اليوم تفقد كامل طاقتها ويعم الظلام بحلول الليل فى نجع جبران.
وأشار أحمد جامع، طالب من سكان نجع جبران، إلى أن الأهالى لا يعرفون سبباً واحداً طوال هذه السنوات يمنع المسئولين من توصيل التيار الكهربائى لنجع جبران، رغم مرور أحد الخطوط الواصلة إلى قرية بلانة بالقرب من المكان، وتبعد عنهم نحو 3 كيلو متر، لافتاً إلى أنهم طرقوا أبواب المسئولين أكثر من مرة، بدءاً من الوحدة المحلية لقرية بلانة التابعين لها، مروراً بالوحدة المحلية لمدينة ومركز نصر النوبة وفروع شركات الكهرباء، ووصولاً إلى مركز خدمة المواطنين بديوان عام محافظة أسوان للقاء محافظ أسوان، ولكن ذلك لم يتحقق رغم محاولتهم أكثر من مرة مقابلة المحافظ وتقديم طلبات بذلك - على حد قوله – وعلق قائلاً: "فى كل مرة نذهب لمسئول يعدنا بحل المشكلة مع ميزانية العام المالى الجديد، ويُسجل شكوانا فى الأوراق الرسمية ويعطينا رقم الصادر ويرفضوا مقابلتنا".
على الجانب الآخر، أكد محمود عليان، رئيس مدينة نصر النوبة بأسوان، أن نجع جبران من الأماكن المنعزلة وبعيدة عن مصادر التيار الكهربائى، وتحتاج إلى تكلفة عالية لتوصيل الكهرباء، مشيراً إلى أن إحدى المنح ساهمت فى تركيب ألواح طاقة شمسية فوق أسطح المنازل لتوفير مصدر للكهرباء للمكان المحروم، وسيتم إعادة صيانة وإصلاح شامل لجميع الألواح مع الميزانية الجديدة التى سيتم اعتمادها فى العام المالى القادم.