تتوالى الأدلة على تمويل قطر، حكومة ومؤسسات وجمعيات تعمل تحت ستار النشاط الخيري، للجماعات الإرهابية المختلفة بشكل مباشر وغير مباشر. ويكشف البحث والتنقيب فى الوثائق ومعلومات الأجهزة التى تتسرب عن دور أيضا فى عمليات اغتيال كبرى.
أحدث تلك الحلقات ما كشف عنه المستشار فى الديوان الملكى السعودى عن التآمر القطرى مع نظام القذافى ومنشقين سعوديين فى لندن فى المحاولة الفاشلة لاغتيال العاهل السعودى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز. حسبما ذكرت "سكاى نيوز عربية".
وقبلها الكشف عن دور قطرى فى اغتيال السياسى الليبرالى التونس شكرى بلعيد واغتيال اللواء عبد الفتاح يون، رئيس أركان الجيش الليبى والمحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك فى أديس أبابا.
السعودية
كشف المستشار فى الديوان الملكى السعودى سعود القحطانى فى تغريدات على تويتر بعض تفاصيل تآمر القذافى وأمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثانى لاغتيال العاهل السعودى الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، فى أعقاب القمة العربية فى 2003.
وكان القذافى تلاسن مع الأمير عبد الله ـ وكان ولى العهد وقتها ـ خلال القمة العربية إثر إساءة القذافى للعاهل السعودى الراحل الملك فهد بن عبد العزيز.
واعتمد القذافى وأجهزة مخابراته على منشقين سعوديين فى لندن تمولهم وتدعمهم قطر، بتدخل شخصى من أمير قطر السابق لحسم خلاف بين المخابرات الليبية ونظيرتها القطرية حول أهداف استغلال المنشقين السعوديين فى لندن.
وكانت السعودية أعلنت وقتها بوضوح اتهامها لنظام القذافي، لكن يبدو أن ما يتعلق بقطر تم معالجته بين البلدين فى إطار سعى السعودية ودول الخليج الأخرى لثنى قطر عن سياساتها المهددة للأمن القومى لجيرانها.
ولكن مع استمرار قطر فى سياساتها حتى بعد تنازل الأمير السابق لابنه الأمير الحالى وتعهدات متتالية لم تنفذ منها شيء، بدأت السعودية فى الكشف عما كان مستورا.
ويتوقع أن تكشف السلطات فى الرياض عن المزيد من المعلومات، وربما تكشف دول خليجية أخرى عن مزيد من المعلومات والأدلة التى تثبت استمرار قطر فى دعم الإرهاب وإثارة الاضطرابات فى دول الجوار، كما بدأت البحرين فى نشر أدلة دعم قطر لجماعات تخريبية فى الداخل البحريني.
مصر
محاولة الاغتيال الفاشلة الأخرى كانت من نصيب مصر، التى اتهمت السودان صراحة بتسهيل مهمة عناصر تنظيم القاعدة الذين حاولوا اغتيال الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 19955.
وتركز الاتهام على الزعيم السودانى (الإخواني) حسن الترابي، الذى لم يخف ارتباطاته بتنظيم القاعدة الذى استضاف زعيمها أسامة بن لادن لفترة بعد تضييق الخناق عليه، كما كان الترابى على علاقة وثيقة بالدوحة أيضا.
وتَكَشَف الرابط بين بن لادن وعملية اغتيال مبارك الفاشلة للمرة الأولى، من خارج التحقيقات المصرية، فى إحدى قضايا تمويل الإرهاب فى محكمة بولاية إلينوى الأميركية عام 2003، وذلك حين أقر المتهم الرئيسى بأنه مذنب بالتآمر وتمويل الإرهاب.
والمتهم هو إنعام أرناؤوط (أميركى من أصول سورية يتحدر من مدينة حماة معقل إخوان سوريا). وفى إحدى صفحات القضية، يقدم الادعاء الأدلة التى تدعم اعتراف أرناؤوط من خلال تمويل تنظيم القاعدة وعملياته الإرهابية عبر منظمات مسجلة على أنها خيرية، بينها مؤسسة قطر الخيرية.
وتقول أدلة الادعاء الأمريكى: "فى 1995، بعد محاولة فاشلة لعناصر القاعدة لاغتيال الرئيس المصرى حسنى مبارك فى أديس أبابا بإثيوبيا، وجه بن لادن اللوم لعضو القاعدة (محل الاتهام فى الدعوى المشار إليه سلفا) من استخدام أموال وردت عبر منظمة قطر الخيرية فى العملية وأنه قلق من أن قدرة القاعدة على استخدام تمويل الجمعيات الخيرية قد يتأثر سلبا نتيجة ذلك".
تونس
من محاولات الاغتيال التى تحققت ما كشفت عنه وثائق ومعلومات استخباراتية، سنة 2014، بأن جهات تمولها قطر كانت تقف وراء اغتيال الزعيم النقابى التونسى شكرى بلعيد.
واتجهت أصابع الاتهام إلى الدوحة، بعد عملية عين أميناس الإرهابية بالجزائر، التى نفذها ما يعرف بتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي.
وذكرت مصادر أمنية واستخباراتية فى تقارير تناقلتها صحف تونسية، وقتئذ، أن قرار اغتيال بلعيد تم اتخاذه بعد أن أعلن امتلاكه معلومات وحقائق خطيرة عن دخول أطراف مشبوهة للتراب التونسى والجزائرى عبر سيارات قطرية رباعية الدفع مجهزة بمعدات متطورة، من النوع الذى منحته الدوحة للحكومة التونسية.
وأوردت تلك المصادر أن بلعيد كان يمتلك وثائق سرية وخطيرة تكشف ضلوع قطر فى حادثة عين أميناس بالجزائر، وهى المعلومات التى جعلت النائب فى البرلمان البلجيكى لورانس لويس يتهم قطر بالتورط فى اغتيال بلعيد.
وما زالت التحقيقات التونسية لم تكشف بعد عن تفاصيل اغتيال بلعيد، إلا أن ما كان يخفى من معلومات ربما يصبح فى "المتداول العام" الآن أو قريبا.
ليبيا
اغتيال عبد الفتاح يونس، هى العملية الأوضح بالمعلومات الموثقة وشهودها الذين هم فى موقع مسؤولية الآن، كما أن سياقها يتسق مع التدخل القطرى التخريبى فى ليبيا والذى كاد أن يحولها لبؤرة تجمع الإرهاب فى العالم وقاعدة انطلاق للتخريب فى دول الجوار من مصر وتونس والجزائر إلى ما هو أبعد فى سوريا والعراق وبالتعاون مع تركيا فى ذلك.
جاء الكشف بالوثائق وأشرطة الفيديو التى عرضها الجيش الليبى فى مؤتمر صحفى للمتحدث باسمه العقيد أحمد المسماري.
وأكد رئيس أركان الجيش الوطنى الليبى اللواء عبدالرازق الناظورى ذلك فى مقابلة مع "سكاى نيوز عربية" متهما قطر بالتورط فى اغتيال رئيس الأركان الأسبق عبد الفتاح يونس، ضمن خطتها للسيطرة على البلاد عبر الجماعات الإرهابية.
وأوضح الناظورى أن "يونس اعترض على وجود رئيس الأركان القطرى (حمد بن على العطية) فى ليبيا حيث كان يتحرك مع قيادات الإخوان من مكان لمكان وذهب معهم إلى الخطوط الأمامية".
وسأل يونس المسؤول العسكرى القطرى "كيف تدخل البلد من دون إذني؟" ليتعرض للاغتيال بعدها بشهر، على يد مجموعة إرهابية ممن تمولهم وتسلحهم قطر فى ليبيا.
واغتيل يونس فى 28 يوليو 2011 فى بنغازى بعد تعرضه لإطلاق نار أمام فندق كان من المزمع إقامة اجتماع للمجلس الوطنى الانتقالى فيه.