تعتبر محافظة الغربية من المحافظات الحبيسة والتى لا يوجد لها ظهير صحراوى للتوسع فيه للخروج من عنق الزجاجة وبناء مجتمعات عمرانية جديدة، ولكن يلجأ أبناؤها للبناء على الرقعة الزراعية وتبوير آلاف الأفدنة والبناء عليها وسط غفلة من المسئولين منذ ثورة ٢٥ يناير وحتى الآن، إلى أن وصلت التعديات لأكثر من ١٣٥ ألف حالة تعديات.
ورغبة فى الثراء الفاحش لجأ أصحاب المنازل لهدمها لبناء أبراج شاهقة الارتفاعات أسوة بجيرانهم ورغبة فى جمع المال دون مراعاة للقوانين والبناء بعدد الأدوار المسموح بها فى رخص البناء، حتى وصلت الارتفاعات لأكثر من ١٥ طابقا.
وتعتبر محافظة الغربية من المحافظات الأعلى سعرا للشقق والأراضى حيث يتراوح سعر الشقق مابين٣٥٠ لـ٩٠٠ ألف جنيه نصف تشطيب ويتخطى حاجز المليون للشقق كاملة التشطيبات، وتنذر تلك الأبراج الشاهقة بكوارث حقيقية، خاصة وأن معظمها يتم بناؤه بأساسات لا تكفى لتحمل ١٥ طابقا وتبنى بشكل سريع لبيعها والتوسع فى بناء أبراج جديدة.
ولم يحرك المسئولون بالمحافظة والأحياء ساكنا لمواجهة الزحف العمرانى الجديد والأبراج الجديدة، واكتفوا فقط بتحرير محاضر بالبناء المخالف للأدوار المخالفة دون اتخاذ أى إجراء سريع لردع المخالفين وتنفيذ تلك القرارات والاكتفاء فقط بهدم سقف دور مخالف وإثبات إزالة الأدوار المخالفة على الأوراق.
ولمحافظة الغربية نصيب من المناطق العشوائية التى تعتبر ناقوس خطر ينذر بكارثة تهدد أرواح سكانها خاصة بالمحلة بمناطق سوق اللبن وصندفا وأبوشاهين ومنطقة كندلية بطنطا.
بداية منطقة سوق اللبن تعتبر منطقة سوق اللبن من أقدم المناطق بمدينة المحلة الكبرى والتى نشأت منها المدينة العمالية وتقع تلك المنطقة على سراديب تصل إلى مدينة سمنود وهذه المنطقة من المناطق الرخوة، ويوجد بها مئات المنازل القديمة المقامة بدون أعمدة وأساسات قديمة ولم تشهد أى أعمال ترميم منذ بنائها، وتشهد المنطقة أعمال تنقيب عن الآثار أسفل المنازل وعمل حفر تمتد لعشرات الأمتار على أمل العثور على قطع آثار دون مراعاة التربة الرخوة والمنازل القديمة مما ينتج عنه انهيار منازل وتصدع منازل أخرى.
وتعرضت هذه المنطقة خلال الفترات الماضية لانهيار عدد من المنازل القديمة نتيجة لحدوث ترييح فى التربة لكونها تربة رخوة وشهدت المنطقة السبت الماضى حدوث هبوط أرضى مفاجئ أمام "خوخة اليهود"، وترتب عليه حدوث تصدعات وتنميل وشروخ فى ١٣ منزلا وهرب أصحاب المنازل منها خوفا على أرواحهم، فى ظل غياب دور الدولة والمحافظة فى مواجهة تلك الظاهرة وترميم المنازل لرفض أصحابها. وتم إدراج المنطقة فى خطة تطوير العشوائيات الخاصة بوزارة الإسكان ضمن مناطق أبو شاهين وصندفا، وتم رصد ٢١ مليون جنيه لأعمال التطوير لإحلال وتجديد البنية التحتية من صرف صحى وخطوط مياه الشرب.
ولا يختلف الأمر كثيرا عن منطقة صندفا وتعتبر هى الأخرى من المناطق العشوائية التى يوجد بها مئات المنازل القديمة بدون أعمدة والتى تتكون من ٤ طوابق كأقصى ارتفاع، وشهدت أيضا تصدع عدد من المنازل القديمة نتيجة لتهالك خطوط الصرف الصحى وتسربها أسفل المنازل، مما تسبب فى تصدع وانهيار منازل، ورغم خطورة تلك المنازل وصدور قرارات إزالة لها إلا أن أصحابها يرفضون تركها والخروج وقرروا البقاء فيها على مسئوليتهم الشخصية.
وشهدت المنطقة أيضا الشهر الماضى حدوث ميول لبرج سكنى من ٦ طوابق، وكشف تقرير كلية الهندسة جامعة طنطا الذى أعده الدكتور عماد عتمان عميد الكلية أن الأرض المقام عليها البرج السكنى المائل ملك هشام الصعيدى بسوق الغلال بمنطقة صندفا أرض رخوة، ولا تتحمل المبانى ذات الارتفاعات العالية لكون المنطقة تقع على مجارى مائية قديمة والمنزل صادر له قرار إزالة رقم 177 لسنة 2017 لسطح الأرض نظرا لخطورته الداهمة على المنطقة، كما صدر قرار إزالة لمنزل بالناحية الشرقية لسطح الأرض لخطورته الداهمة.
كما كشف التقرير أن المنزل ملاصق به قطعتين أرض فضاء كان بهما منزلين تم إزالتهما لسطح الأرض نظرا لسوء حالة التربة.
ورغم توجيهات اللواء احمد صقر محافظ الغربية لرؤساء المدن والأحياء بضرورة تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة للمنازل القديمة والأبراج المخالفة إلا أن هذه القرارات لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن، وهو ما دفع أباطرة العقارات للانتشار والتوسع ضاربين بالقانون عرض الحائط.
وأكد اللواء أحمد صقر محافظ الغربية فى تصريحات لـ"ابرلمانى" أن هناك خطة تطوير العشوائيات بالمحافظة، مؤكدا أنه تم إقامة مشروعات بقيمة 50 مليون جنيه بمناطق أبو شاهين وصندفا وسوق اللبن بالمحلة، وإقامة عمارات بمنطقة كندلية بطنطا والانتهاء منها خلال عام، على أن يتم البدء فى منطقة تل الحدادين فور الانتهاء من منطقة كندلية والمحلة وسيتم الإعلان على أن محافظة الغربية خالية من العشوائيات خلال عام ونصف.
وتأتى منطقة أبو شاهين فى المرتبة الثالثة للمناطق العشوائية الخطرة والتى يوجد بها عمارات إسكان اجتماعى لم تشهد أى أعمال إحلال وتجديد منذ بنائها، فضلا عن تهالك البنية التحتية من صرف صحى وشبكات مياه واختلاط مياه الصرف الصحى بمياه الشرب، إلى جانب طفح مياه الصرف الصناعى من المحطة فى الشوارع ومداخل العمارات وتصاعد الأدخنة من المياه المحملة بمواد الصباغة والألوان.