عشرات الفتيات والسيدات، قررن خوض معركة الحياة، بأيد ناعمة، فور أن أتتهم الفرصة لذلك، فبرغم العادات والتقاليد التى توارثها أهالى منطقة أبيس فى أطراف الإسكندرية، بمنع خروج الفتاة بعيدا عن المنزل، الا أن معظم الأزواج يرفضون تحمل مسئولية إنشاء أسرة سعيدة، لا تحتاج إلى مد اليد، لتأكل وتعيش حياة كريمة، فكانت السيدات تمتهن الحرف اليدوية، وتبيعها فى الأسواق أسبوعيا، حتى تستطيع أن تؤمن مصير أبناءها، أو حتى أشقاءها، حتى تم إنشاء المصنع، وأصبح سيدات القرية وفتياتها، يملكون مكانا قريبا يستطيعون العمل فيه.
حكايات كثيرة، داخل مصنع سجاد أبيس، تعلن قوة المرأة، وتحملها المسئولية، ورغبتها فى الكفاح من أجل أبناءها:
روحية طه 27 سنة، تحكى لـ"برلمانى"، كيف لجأت إلى العمل داخل المصنع قائلة: أعمل فى المصنع منذ عام بعد أن انفصلت عن زوجى، والذى كان يحترف الزراعة، ولا يرغب فى الإنفاق علينا، ومعى أطفالى الاثنين، أحدهما 10 سنوات، والآخر 4 سنوات، وبعد الانفصال رفض الانفاق علينا، وكأنه لم ينجب اطفالا، وهو يعلم أنه لا مصدر لنا للرزق.
وتضيف روحية: بما أنى أم لطفلين قررت العمل حتى أستطيع أن أجعل أطفالى رجال متعلمين، يستطيعون تحمل المسئولية، وألا أتركهم فى الشوارع يقتاتون من هنا وهناك، وحتى لا تكسر أعينهم أمام أى شخص الآن أو غدا، وما ندمت عليت حقا وليس بذنبى، هو عدم استكمال دراستى، والزواج مبكرا، فلولا ذلك لكنت الآن أعمل بمؤهلى الدراسى، وكنت سأحسن اختيار زوجى، ولكن الفرصة أمامى لأحقق حلمى فى أولادى.
أما فاطمة أحمد 33 سنة، فتقول: أعمل بمصنع السجاد منذ سنتين، وكنت متزوجة وانفصلت عن زوجى تاركا لى طفلين، وهو الآن لا يعلم عنهم شيئا، أحدهم فى الصف الثالث الابتدائى، والاخر فى حضانة، وعلى الرغم من ان والدهم يعمل سائق وميسور الحال، إلا أنه يعاقبتى فى أبنائى، بعدم الإنفاق عليهم.
وأكدت فاطمة: " ولادى هيكملوا تعليم وهوصلهم لحد الكليات مهما حصل، ومهما كان الثمن من صحتى، فأنا أعمل من السابعةد وحتى الخامسة فى المصنع، وحين أعود للمنزل، أشتغل فى حرف يدوية بشفل خاص، يطلبه منى البعض، لأن ما أحصل عليه فى المصنع 750 جنيه شهريا، وهو مبلغ لا يكفينى وحدى، ولكنه يكفينا بالطبع مد الأيدى.
أما نانسى سعيد محمد 16 سنة،خرجت من المدرسة فى الصف الأول الإعدادى، وبدأت العمل منذ 5 سنوات ، بعد أن أصيب والدها فى حادثة أقعدته عن العمل والحركة، وهو الذى كان يعمل باليومية، لا يملك تأمينا أو معاش، وكان قد دخل فى جمعية، يسدد اقساطها شهريا، من عمله الذى توقف، وأصبح مهددا بالسجن، فقررت العمل أنا ووالدتى، لسداد ديون أبى، وانضم إلينا أخى الشهر الماضى.
وتضيف نانسى: سوف أتزوج الصيف القادم، بعد الانتهاء من سداد دين والدى ، وبدأت فى تجهيز نفسي، مما أتحصل عليه من مرتب، والحقيقة لا أعلم كيف سيأتى يوم على وأنا لا أعمل بعد أن اعتدت الحصول على قرشى من عرق جبينى.
وتقول دعاء سليمان 18 سنة، خرجت من الدراسة بعد حصولى على الشهادة الإعدادية، بسبب تصرفات سيئة من بعض المدرسين جعلونى أكره الدراسة رغم تفوقى فيها،فقررت العمل وتعلم حرفة يدوية كباقى الفتيات فى القرية، وبالفعل عملت بالمصنع منذ 5 سنوات، حتى وصلت إلى درجة مساعد مشرف.
وتقول دعاء: أنا أحب العمل جدا، والرسم على السجاد، وأشعر أنها صنعتى ، ولا أستطيع أن أعيش دون عملى هذا.
وتقول منى على 39 سنة، لدى 3 أولاد وانا من اهل القرية، لجأت إلى العمل هنا بسبب الظروف الحياتية الصعبة، وأساعد زوجى لتربية أبناءنا الثلاثة بشكل سليم، حيث التحق أحدهم بكلية التجارة هذا العام، ولدى بنتين اخريتين.
وتضيف منى: زوجى يعمل فى الزراعة، وأنا أحصل على راتب 1300 جنيه شهريا، وهو مايجعلنا نعيش حياة كريمة.
أما هدية عبد الرازق، فهى الفتاة التى ضربت أفضل الأمثلة فى الإيثار، فعلى الرغم من عمرها الصغير الذى لم يصل إلى ال16 سنة، إلا أنها كانت مسئولة عن سداد ديون والدتها التى جهزت بها شقيقاتها الثلاثة، واللاتى تزوجن، بالتقسيط،ورفض ازواجهن عملهن أثناء فترة الخطوبة، فاستدانت الأم من تجار الأجهزة الكهربائية، ولم تستطيع السداد.
وتضيف هدية: أعمل هنا منذ سنوات أساعد والدى الذى يعمل جناينى، وشقيقى الذى يعمل على عربة أسمنت ومتزوج معنا فى المنزل، ولديه 3 أطفال، والحمد للهةسددت ديون أمى، وحاليا أحصل على مبلغ 800 جنيه شهريا، واتخطبت لأحد الأشخاص فى المنطقة ولكنى اشترطتةعليه الزواج بعد عامين، وأن أظل أعمل حتى لا أترك والداى عليهم ديون جديدة.
وتقول سونيا محمد: بقالى 4سنوات أعمل فى المصنع، وكان على 75 ألف، قيمة مديونيات للمنزل، وصدرلى حكم بالحبس، ولكن مصر الخير ، سددت المبلغ، وتحولت من غارمة لمنتجة، والآن أستطيع أن أحضر لأولادى كل ما يرغبون فيه، لأنى تعلمت صنعة ومهنة.
أما يوسف محمد 15 سنة ، بدأ العمل فى المصنع منذ أسبوع واحد فقط، بعد أن ترك المدرسة بسبب رسوبه فى مادة الإنجليزى،قائلا: والدى يعمل بمحل ملابس، ولا يستطيع تحمل مصاريف زائدة ، فقررت العمل فى المصنع، وبالفعل بدأت التدريب منذ أسبوع، مقابل 500 جنيه شهريا، اعطيهم لوالدى فور استلامهم.
أما مصطفى أحمد شعبان 28 سنة، يعمل فى صناعة السجاد منذ 4 سنوات، فقد ورث تعلم المهنة من والده، وأصبح قادرا الآن على تصديرها،قائلا : أعرف الفرق بين أنواع السجاد وخاماته، والسجاد اليدوى أغلى الأنواع، وهناك من يعرف قيمته، ويقدره جيدا، كما اننا نصدر للخارج، وحلمى أن نكون فى هذه الصناعة رقم 1 فى العالم كما نحن فى مصر.
ويضيف مصطفى: أعمل مدرب بالمصنع، وأحصل على 2500 شهريا، ولكنها بالطبع لا تكفى ظروف الحياة الحالية، ولكن الأهم هو الوظيفة، وعدم البقاء بدون عمل، بالإصافة إلى العمل فى إبداع وحب.