كتب مصطفى عنبر و محمد رضا و محمد مجدى السيسى
أكد الدكتور نبيل العربى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، على أهمية انعقاد الاجتماع الأول لرؤساء البرلمانات العربية، المنعقد الآن، بمقر الجامعة، للبحث فى التحديات الراهنة التى تواجه الأمة العربية ومناقشة السبل الكفيلة لمواجهة هذه التحديات من خلال رؤية برلمانية عربية شاملة نأمل أن تسهم فى بلورة سياسات ومواقف وخطوات عملية للخروج من التحديات والأزمات الحادة التى تكاد تعصف بعدد من الدول العربية وتهدد الأمن الاقليمى العربى، وتهدد الاستقرار فى المنطقة بمجملها.
وقال العربى، فى كلمته خلال الاجتماع، إن البرلمانات والمجالس التشريعية العربية تتحمل مسؤوليات تاريخية فى هذه المرحلة العصيبة، لكونها الهيئات المعنية بالتعبير عن إرادة الشعوب العربية وطموحاتها فى ترسيخ أسس بنيان الدولة الوطنية العربية الحديثة والعمل العربى المشترك، كما أنها الهيئات المعنية بإصدار التشريعات والقوانين الموجهة لسياسات الحكومات العربية.
وأشار الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى أن التحديات كثيرة والأزمات كثيرة ولكن يجب ألا ننسى أن القضية الأولى والمركزية هى القضية الفلسطينية واحتلالها الأولوية القصوى فى التحديات التى تواجهها الأمة العربية، ذلك أن جانبًا كبيرًا من التحديات والأزمات التى تعصف بالمنطقة كانت نتاجًا مباشرًا لعدم قدرة المجتمع الدولى على إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية طبقًا لقواعد الشرعية الدولية.
وأضاف العربى: مع انسداد أفق المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بل عدم جدواه نظرًا للتعنت الإسرائيلى فإنه يتحتم على الجانب العربى أن يبلور موقفًا واضحًا ويطلق تحركًا جديًا باتجاه المجتمع الدولى والأمم المتحدة لطرح قرار مجلس الأمن 242، الذى صدر فى 22/11/1967، والذى يقضى بانسحاب إسرائيل من الأراضى الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967، والعمل على دعم المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولى يقوم على أساس المرجعيات الدولية التى تم التوافق عليها، وعلينا أن نتأكد أن يتم ذلك ضمن إطار زمنى محدد، وهذا تحد كبير علينا أن نواجهه كمجموعة عربية قبل أن نطرحه على الآخرين، وهذا التحدى يستدعى توظيف كافة الإمكانيات العربية للقيام بهذا التحرك الدبلوماسى العربى المشترك، ويتطلب نجاح هذا المسعى أن يكون الهدف واضحًا للجميع بما فى ذلك الدول المؤثرة ومن ضمنها بالطبع الولايات المتحدة الأمريكية التى تتغاضى عن سياسات إسرائيل العنصرية.
وأوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن البرلمانات العربية مدعوة إلى التحرك مع مثيلاتها من البرلمانات الدولية من أجل دعم حركات المقاطعة BDS، التى سيكون لها تأثير فعال على وقف الأعمال الاستيطانية التى تشكل الخطر الأكبر على خيار حل الدولتين وما تبقى من أمل فى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لافتًا إلى إن الأزمات الكثيرة المشتعلة فى سوريا واليمن وليبيا وأماكن أخرى، ولا تمتد فى تداعياتها لتهدد فقط بنيان الدولة الوطنية المستقلة فى تلك الدول، وإنما تمتد أيضًا لتهدد مستقبل الأمن والاستقرار فى المنطقة بأسرها، الأمر الذى يستدعى التحرك السريع لبلورة رؤية عربية مشتركة إزاء التعامل مع تلك الأزمات وتداعياتها، قائلًا: "إننى لعلى ثقة بأن مؤتمر اليوم، وبهذا الحضور المميز من القيادات البرلمانية العربية سيكون له إسهامه الكبير فى تشكيل مثل هذه الرؤية المشتركة التى نؤمن فى جامعة الدول العربية أنه لا يمكن بدونها الخروج من هذا المأزق الكبير الذى تواجهه الأمة العربية".
وشدد العربى، على أن ظاهرة الإرهاب التى نشهدها الآن، تتغذى وتتفشى مخاطرها مع استمرار نيران الأزمات المشتعلة وحالة الانقسامات التى تشهدها العديد من دول المنطقة، ولا يجب أن ننسى أن الإرهاب جاء إلى المنطقة مع نشأة إسرائيل، فالتفجير العشوائى، الذى اقدمت عليه العصابات اليهودية عام 1946، وأدى إلى مقتل أكثر من 90 نزيلًا فى فندق الملك داوود فى القدس كان بلا شك بداية آفة الإرهاب العشوائى فى المنطقة، وهذا أمر يتطلب التفكير العميق والمراجعة المتأنية لجملة المواقف والسياسات العربية ولآليات العمل العربى المشترك المعتمدة للتصدى لمثل هذه الظاهرة، مشيرًا إلى أن مجلس الجامعة على المستوى الوزارى كان قد اتخذ قرارًا هامًا بتاريخ 7/9/2014، أكد فيه على الموقف العربى الحازم باتخاذ التدابير الجماعية اللازمة لصيانة الأمن القومى العربى والتصدى لجميع التنظيمات الإرهابية المتطرفة، كما أكد القرار على أن المواجهة مع الإرهاب هى مواجهة شاملة تقتضى التعاون العربى الجماعى عسكريًا وأمنيًا وسياسيًا وفكريًا وثقافيًا وإعلاميًا وقانونيًا لدحر الإرهاب وإلحاق الهزيمة بمشروعه التدميرى للأمن والاستقرار فى المنطقة.