أوضح الدكتور خالد فهمى وزير البيئة خلال الكلمة التى ألقاها نيابة عن المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء اليوم بحضور أعضاء المجلس الوطنى للتغيرات المناخية، أهمية انعقاد الاجتماع الأول للمجلس الوطنى للتغيرات المناخية اليوم كأول خطوة تنفيذية فى إطار التعامل مع مخرجات اتفاق باريس، حيث أصبح منوطاً به وفقاً لقرار تشكيله العمل على صياغة وتحديث استراتيجية وطنية شاملة لتغير المناخ ورسم الخطط الوطنية الخاصة به وربطها باستراتيجية التنمية المستدامة، مما يتطلب ضرورة تكامل وتنسيق الجهود بين كافة القطاعات الوطنية المعنية بهذا الأمر.
وأضاف "فهمى" أن قضية تغير المناخ والاحتباس الحرارى صارت تحتل اليوم بؤرة اهتمام وأولويات أجندة المجتمع الدولى فقد أصبح الحديث عن أخطارها يدق جميع الأبواب فى كل بلدان العالم المتقدمة والنامية على السواء، ليس فقط لكون هذه القضية ستؤدى إلى تغيير طبيعة المناخ على الأرض بل أيضاً لأن آثارها السلبية سيمتد تأثيرها ليشمل كل مظاهر الحياة والنشاط الإنسانى على الكوكب، علاوة على أن التعامل معها يرتبط بكل النواحى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضاً، مؤكدا أن المجتمع الدولى اتفق على مبدأ ارتباط معالجة آثار تغير المناخ بأهداف التنمية المستدامة التى تم إقرارها فى سبتمبر من العام الماضى حيث تمثل مواجهة آثار تغير المناخ الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة.
كما أكد فهمى أهمية المرحلة الحالية والفارقة فى تعامل العالم مع قضية تغير المناخ لا سيما عقب الاتفاقية الإطارية لأطراف الأمم المتحدة لتغير المناخ والتى نجمت عن مؤتمر باريس الذى انعقد فى ديسمبر 2015 والذى وقّعت عليه فى الثانى والعشرين من أبريل الماضى 175 دولة من بينها مصر من إجمالى 193 دولة والذى يعد رقماً قياسياً يؤكد اقتناع دول العالم بخطورة هذه الظاهرة وضرورة التكاتف الدولى لمواجهة آثارها المختلفة.
واستعرض فهمى خلال الاجتماع أهمية اتفاق باريس الأخير من كونه وضع خارطة طريق مستقبلية تضمن ضرورة مشاركة كل أطراف المجتمع الدولى بشقيه النامى والمتقدم فى جهود مجابهة تغير المناخ سواء على مستوى الحد من الانبعاثات أو التكيف مع آثار هذه الظاهرة، وهو ما يستلزم الاستعداد الجيد للتعامل مع متطلبات المرحلة من حيث الوفاء بالالتزامات الدولية وبنود اتفاق باريس وما سيعقبه من اتفاقات قد تنتهى إليها مؤتمرات الأطراف القادمة بداية من مؤتمر مراكش نهاية العام الجارى، وكذلك طموحات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتى تم تضمينها بوثيقة التنمية المستدامة مصر 2030.
وشدد فهمى على اهتمام مصر بهذا الملف على أعلى المستويات من خلال مشاركة السيد رئيس الجمهورية فى اجتماعات الأمم المتحدة لتغير المناخ عام 2014 وكذلك فى الجلسة الافتتاحية لمؤتمر باريس نهاية العام الماضى وقيام سيادته بإلقاء كلمة أفريقيا فى هذا الحدث الهام وإطلاق المبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة التى تعمل على توحيد دول القارة بحيث تصل الطاقة إلى كافة الدول التى فى حاجه إليها لتلبية متطلبات التنمية المستدامة ومقومات العيش الكريم، علاوة على ترأسه للجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة المعنية بتغير المناخ CAHOSC والتى انعقدت مؤخراً فى أديس أبابا فى 31 يناير 2016.
وأوضح فهمى أن قضية تغير المناخ أصبحت ضمن أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة القادمة وهو الأمر الذى يجب أن يضعه أعضاء هذا المجلس نصب أعينهم وهم يتناولون محاور أعمالهم وتحمُّل مسئولياتهم الوطنية الجسيمة والذين هم أهل لها وقادرون على النهوض بأعبائها والقيام بدورهم الوطنى المنشود لمواجهة هذه الظاهرة من خلال صياغة الاستراتيجية الوطنية لمجابهة تغير المناخ وبنائها على أسس علمية مُحكمة واقتراح حلول تكاملية فيما بين القطاعات المختلفة وتجاوز العوائق الروتينية للوصول إلى نتائج ملموسة تحقق المردود المطلوب سواء فى مجال التنمية أو الحد من المخاطر التى قد يواجهها وطننا الغالى نتيجة الآثار الجانبية لهذه الظاهرة.
وأضاف أن مصر انتبهت منذ فترة مبكرة لهذه الظاهرة وبدأت من خلال إمكانياتها الخاصة ورغم أعبائها المتنامية فى تسليط الضوء ودق أجراس الإنذار حول خطورة هذه الظاهرة وضرورة قيام كافة الجهات المعنية بوضع تصوراتها والخطط العملية والفنية اللازمة للاستعداد والتحضير بشكل متكامل لمواجهة آثارها الخطيرة، علاوة على التواصل المستمر مع شركائنا فى المحيطين الإقليمى والدولى سواء الأشقاء الأفارقة أو شركاء التنمية الدوليين للتكاتف والتعاون وتوفير الحزم التمويلية اللازمة للدول النامية لتنفيذ خطط الاستعداد لمواجهة آثار تغير المناخ.
كما أن مصر تؤدى دورها فى كل المعتركات الدولية، من خلال القيام بالوفاء بكامل التزاماتها فى هذا المجال، فقد قامت بتقديم تقرير المساهمات الوطنية المعتزمة بمقتضى الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة لتغير المناخ، وكذلك التوقيع على اتفاق باريس فى أبريل الماضى كما سبق الإشارة.
وأضاف أعلم تماماً مدى المسئولية الملقاة على عاتق هذا المجلس ولكنى أيضاً أثق فى وطنيتكم وقدراتكم وكفاءاتكم على التعامل مع هذا الملف وإدارة محاوره المختلفة بما يحقق مصالح الوطن على كافة المستويات.
وأشار "فهمى" أيضا إلى أهمية الدبلوماسية البيئية التى أسسها الدكتور كمال طلبة فبفضلها تمكنا من التفاوض عالميا، مضيفا أن "الدبلوماسية المناخية" بالتحديد ستمكننا من الحصول على حقوقنا وأداء التزاماتنا، خاصة فى ظل تواجد عدد من التحديات كالحاجة لتحقيق معدلات نمو اقتصادى سريع مع الإدارة الرشيدة للموارد والحد من التأثيرات والتهديدات البيئية فى ظل تزايد النمو السكانى.
ومن جانبه ألقى المهندس أحمد أبو السعود الرئيس التنفيذى لجهاز شئون البيئة خلال الاجتماع الضوء على اهمية الاجتماع التمهيدى فى باريس، واحتفالية التوقيع على اتفاق باريس بنيويورك، وكذلك صياغة خارطة طريق وصولا لمراكش.
كما استعرض الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية خلال الاجتماع أهمية العلاقة التأثيرية للتغيرات المناخية على الوضع المائى والإدارة المائية للتعامل مع احتمالات الفيضانات أو فترات الجفاف، إضافة إلى كيفية الوفاء بالاحتياجات المتزايدة للمياه وضروريات إعادة تدوير المياه وإيجاد مصادر غير تقليدية وإيجاد تكنولوجيا حديثة لتحلية مياه البحر وكذا دراسة إمكانية إعداد بحوث لاستخدام المياه المالحة فى الزراعة علاوة على أهمية إعادة تأهيل البنية التحتية لشبكات الرى والاستخدام والتخطيط الجيد للأراضى الساحلية وحماية الشواطئ وكذلك بحث جدوى تخزين مياه السيول وإنشاء حواجز الأمواج والحفاظ على الأنظمة البيئية للبحيرات الشمالية.
كما تناول الدكتور محمد الراعى الخبير الوطنى الآثار والتوقعات للتغيرات المناخية فى مصر، موضحا أن التغيرات المناخية تعد ظاهرة عالمية ذات تأثيرات محلية سلبية على جميع قطاعات التنمية تنتج عن الزيادة فى متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية والتى نتجت عن زيادة غازات عمر زمنى طويل، كما حث على ضرورة إنشاء الأحزمة الخضراء، واستعرض الاجتماع مشروع بناء القدرات لخفض الانبعاثات "مصر" حيث يهدف المشروع إلى بناء القدرات الوطنية لخفض الانبعاثات من خلال استراتيجيات تنمية نظيفة، إجراءات خفض انبعاثات ملائمة للظروف الوطنية وإجراءات قياس وإقرار وتدقيق لجهود خفض الانبعاثات.
ومن القطاعات المستهدفة الطاقة (ترشيد استهلاك الطاقة- توليد الطاقة من مصادرها المتجددة – التوليد المشترك للطاقة) إضافة إلى الصناعة ومنها الأسمنت، الأسمدة، الحديد والصلب، علاوة على النقل النهرى والنقل الجماعى.