روى لى الدكتور خالد جمال عبدالناصر، رحمه الله، أنه كان فى العاصمة البريطانية لندن، وتصادف وجود الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب فى زيارة رسمية إلى بريطانيا، واتفقا الاثنان على العشاء سويا فى لقاء خاص يجمعهما بعيدا عن الأجواء الرسمية لزيارة رئيس البرلمان المصرى.
على العشاء تحدث المحجوب مع خالد عن المؤتمر الصحفى الذى انتهى منه قبل لقائهما بقليل وتعرض للعلاقات بين مصر وبريطانيا ومباحثاته السياسية فى العاصمة لندن، وبالطبع فإن المحجوب أفضى إلى خالد بما دار فى كواليس الزيارة، وهى تعبر عن شىء، يختلف عما يدور فى العلن الذى يتحدث عادة عن العلاقات الطيبة التى تربط الطرفين.
لم يسترح المحجوب للزيارة التى شعر فيها بصلف بريطانى، وتصرفات تفوح منها روائح استعمار، فعلق لخالد بعبارة: والله يا خالد دول عالم ما ينفعش معاهم غير جزمة أبوك، قهقه خالد وهو يذكر عبارة المحجوب مقلدا صوته وطريقته.
بالطبع كان خالد مزهوا بهذا الاعتراف العظيم من مسؤول رفيع فى الدولة المصرية فى حق والده جمال عبدالناصر، بالرغم من أن مبارك ونظامه لم يكن لهما ود مع السياسات الناصرية على صعيدها الداخلى والخارجى، وكان السائد هو تبعية كاملة لتوجهات السياسات الأمريكية والبريطانية فى المنطقة، والدليل موقفهما من القضية الفلسطينية، وموقفها فى الحرب ضد العراق باحتلاله وإسقاط نظام صدام حسين.
تحضرنى هذه القصة التى رواها لى خالد عبدالناصر، كلما أرى المواقف الأمريكية والبريطانية التى تحاول النيل من استقلالنا الوطنى، وهى مواقف تأتى تعبيرا خالصا عن مطامع غربية تتعارض فى توجهاتها الأصلية مع ضرورات أمننا القومى، ولعل الموقف البريطانى فى التعامل مع حادث الطائرة الروسية التى انفجرت فى سيناء دليل دامغ على ذلك، فربما تكون الطائرة تعرضت لعملية إرهابية، لكن اللافت فى القصة هو توظيفها السياسى، الذى يبدو أنه مقصود، ويستهدف فى الأساس مصلحة بريطانيا وتوجهاتها نحو المنطقة بشكل عام، ومصر بشكل خاص، ولذلك فعلت ما فعلته أثناء زيارة الرئيس السيسى لها، والأمر على هذا النحو يدفعنا إلى التفكير فى قول المحجوب.
سيقول قائل كلاما من قبيل، أن الوقت تغير، وإذا كان هذا صحيحا، فعلينا أن نفكر فى نوع الحذاء المناسب لوقتنا الحالى، كى نقدر على رفعه وقت اللزوم فى وجه من يستحقون.