الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء هل يعملون لإنجاح مؤسسات الدولة؟!
نستعيد هذه الأيام الذكرى الثالثة لثورة 30 يوينو، التى خرج فيها المصريون بالملايين رفضا لحكم جماعة الإخوان، بعد انكشاف مشروعها لاختطاف البلد وتدميره بالموالسة مع المخابرات الأمريكية ومشروعها لتقسيم البلاد العربية الكبرى، وإغراقها بالحرب الأهلية والفوضى، وفى خضم الذكريات المتدافعة عن هذه اللحظات المجيدة التى عشناها، وما عانيناه منذ هذا التاريخ من عنف وإرهاب الجماعة الإرهابية وحلفائها الغربيين، نستحضر على الفور الدعوات إلى المصالحة مع الجماعة الإرهابية، بدءا من دعوة عمرو حمزاوى، ومايكل ماكفول مستشار أوباما المشبوهة، ومرورا بدعوة سعد الدين إبراهيم الملغومة، وانتهاء بدعوة مجدى العجاتى المتسرعة.
مبادرة عمرو حمزاوى ومايكل ماكفول كانت تهدف أساسا إلى إعادة الجماعة الإرهابية للمشهد السياسى فى مصر، وسلخها عن الحرب العالمية الدائرة ضد التنظيمات الإرهابية فى المنطقة العربية، وهى مبادرة أمريكية بالكامل قلبًا وروحًا ومنهجًا وصياغة، بداية من هدفها العام الذى تسميه بعلاج الانسداد السياسى فى مصر، وسائر عناصرها التى تعتبر مجموعة المطالب الأمريكية من النظام المصرى التى حاولت إدارة أوباما تنفيذها بمائة طريقة وطريقة لإجهاض النزوع المصرى نحو الاستقلال السياسى والاقتصادى، وفشلت حتى الآن، وهذه المطالب تتضمن عودة الإخوان للمشهد السياسى، ومنحهم الغطاء الشرعى ليكونوا حصان طروادة الأمريكانى فى النظام المصرى، بما يجعل هذا النظام عاجزًا عن تلبية طموحاته الوطنية الأكثر إلحاحًا، ومرهونًا باستمرار للتبعية الأمريكية.
وفى السياق نفسه، تأتى دعوة الدكتور سعد الدين إبراهيم للمصالحة مع الإخوان مثالية للغاية، فالدكتور يطالبنا بأن نتحلى بسماحة النبى صلى الله عليه وسلم، الذى تصالح مع قريش بعد أن آذته وأخرجته من دياره وحاربته، وأن نتعلم من درس نيلسون مانديلا الذى خرج من سنوات الاعتقال الطويلة ليعقد مصالحة تاريخية مع النظام العنصرى بجنوب أفريقيا من أجل مستقبل أفضل، ويقترح تنظيم استفتاء عام بين المصريين تكون صيغته: «هل توافق على المصالحة مع جماعة الإخوان؟ نعم أم لا».
دون أن يقول لنا ماذا تعمل الدولة المصرية مع من ثبت عليهم أنهم مولوا ودعموا الخلايا النوعية التى حملت السلاح ضد أفراد الشرطة والجيش، وزرعت القنابل فى الشوارع والميادين، وأحرقت المؤسسات والمصالح العامة والخاصة؟ وأين حق الشهداء من الجيش والشرطة والمواطنين العزل الذين راحوا بفعل العمليات الخسيسة للجماعة؟ وكيف تتم إعادة تأهيل الإخوان الذين أقسموا على البيعة للمرشد، وهم يأتمرون بأمره فى الكبيرة والصغيرة، بما فى ذلك العمل كليا ضد مصالح البلد والإضرار بها بقدر الإمكان؟ وهل للإخوان ولاء أصلا لما يسمى الوطن وهم يسعون إلى أستاذية العالم والفكرة الشمولية الغامضة عن إعادة دولة الخلافة؟ وكيف تتم المصالحة إذن، وعلى أى أساس إذا كانوا أصلا لا يهتمون بفكرة الوطن والمصالحة، ويتحالفون مع الشيطان لتحقيق مصالح الجماعة؟
مجدى العجاتى وزير الدولة لشؤون البرلمان، فجر الجدل من جديد حول المصالحة بتصريحاته الصحفية حول مشروع قانون العدالة الانتقالية، وكيف يستهدف أن يعود المجتمع المصرى نسيجًا واحدًا، من خلال المصالحة مع الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء، ولم تنسب إليهم أفعال إجرامية من الإخوان.
لم يوضح العجاتى فى تصريحاته، ما إذا كان الإخوان الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء يمكن أن يعملوا لصالح التنمية والنهضة فى دولة 30 يونيو أم يكونوا عصا فى العجلة وشوكة فى الظهر وأصحاب روح انتقامية كل هدفهم هدم مؤسسات الدولة والعمل على إفشالها، كما نرى فى تصريحاتهم ومواقفهم على فضائيتهم؟! الإجابة على هذا السؤال حاكمة لأصحاب دعوات المصالحة المثالية والمتسرعة، وللحديث بقية.