وجه الرئيس السيسى، اكتست ملامحه بالحزن والآسى والغضب وهو يطالع جوا حجم الأضرار التى تعرضت لها الإسكندرية والبحيرة نتيجة هطول الأمطار الغزيرة، وانكشاف حالة الفساد والفوضى والتسيب والإهمال أمام عينه فى جولته المفاجئة فوق أراضى المحافظتين، تجسيدًا لحالة باقى محافظات مصر التى غرقت فى مستنقع فساد المحليات قبل أن تغرق فى مياه الأمطار.
ما رأيته وأنا أتأمل وجه الرئيس ليس فقط حزنًا على مئات الأفدنة التى غرقت أو شوارع وأحياء المدينة التى كانت تسمى فى الماضى القريب «عروس البحر المتوسط»، بل غضب من سرطان الفساد المتفشى والمنتشر فى جسد الدولة والذى يلتهم فى طريقه كل جهود للتنمية وتحسين معيشة الناس، ولا حل فى إحراز تقدم اقتصادى واجتماعى وثقافى إلا بإعلان الحرب على الفساد والثورة عليه، ولتكن ثورة الرئيس عندما يحزن على حالة محافظات مصر لمجرد سقوط أمطار من المفترض أنها «أمطار الخير» ومخزون استراتيجى يضاف إلى نصيب مصر من المياه الشحيحة، حزن الرئيس ينبغى أن يتحول إلى «ثورة غضب» شاملة على الفساد.. ويقود بنفسه هذه الثورة لتطهير كل أجهزة ومؤسسات الدولة من أخطبوط الفساد ويعلنها حربا على جميع مظاهر الفوضى والتسيب والإهمال فى دولة اللاقانون.
حزن الرئيس وحسرته على ما جرى ويجرى فى مصر يجب أن يندلع نيرانًا لا تبقى ولا تذر أى مظهر من مظاهر الفساد والتسيب والتقصير والأيدى الخائفة المرتعشة، التى تبدت فى غرق الإسكندرية والبحيرة وباقى محافظات مصر، لإعلاء قيمة دولة القانون فوق دولة الفشل والفوضى.
ما شاهده الرئيس من طائرته دافع لمعركة فاصلة بسيف القانون فى كل مكان فى مصر، فى المؤسسات والهيئات والوزارات التى تغوص فى العفن والترهل والفساد المالى والإدارى، وتستنزف معها موارد الدولة وأموالها الضائعة.. آن الأوان أن يتبنى الرئيس وبنفسه حملة كبيرة للتطهير من المنافقين وأصحاب المصالح والمحاسيب، والدفع بدماء جديدة شابة مبتكرة واعية، إذا أراد أن يحقق التنمية المنشودة، وإذا أراد أن يشعر الناس بالتغيير الحقيقى فى حياتهم اليومية وفى معاملاتهم مع الجهات الحكومية.
سيدى الرئيس.. الحزن الذى بدا واضحا على وجهك، لن يكفى وحده لتأكيد تضامنك وتعاطفك مع الناس، وإنما يجب أن يتحول إلى خطوات وإجراءات وقرارات عملية على الأرض لمكافحة الفوضى والتسيب والفساد.