كل الشواهد تؤكد أن مسألة بناء إثيوبيا لسد النهضة تسير فى الاتجاه الذى لا يلبى مطالب مصر، ومع ذلك يمضى بناء سد فى نفس الوقت الذى تمضى فيه المفاوضات الخاصة به بين مصر والسودان وإثيوبيا دون أى تقدم، فإلى أين يقودنا هذا المصير؟
أطرح سؤالى بعد انتهاء اجتماعات الدول الثلاث منتصف ليلة الأحد الماضى حول آليات التعاون. وتنفيذ توصيات اللجنة الدولية للسد، وكان اختيار مكاتب استشارية لتنفيذ دراسات تتناول تأثير بناء السد هو القضية التى دار حولها الاجتماع، واللافت أن هذا الأمر يتم التباحث بشأنه منذ عامين دون التوصل إلى شىء يذكر.
انتهى الاجتماع الأخير إلى الاتفاق على موعد آخر لاجتماع آخر، للبحث فى نفس الموضوع، مما دفع مصر إلى إصدار بيان منفرد، قالت فيه: «معدلات التنفيذ بموقع المشروع تسير بوتيرة لا تضمن تنفيذ توصيات الدراسات عند الانتهاء منها، وأهمية الالتزام باتفاق إعلان المبادئ، خاصة فيما يتعلق بقواعد الملء الأول والتشغيل».
اختار بيان مصر تعبير «شواغل مصرية» كتخفيف لحالة القلق، رغم حديثه الواضح والقاطع عن معدلات تنفيذ المشروع على الأرض، مما يدل على أن الجانب الإثيوبى يناور ويشاغل بالمفاوضات، لكنه يمضى فى البناء حتى يجبر مصر على التسليم بالأمر الواقع فى نهاية الأمر، وبالتأكيد فإن الجانب الإثيوبى يستثمر طبيعة الحالة المصرية الراهنة بما فيها من مشاكل ومصاعب وتطورات إقليمية معاكسة، ويمضى فى مخططه الأصلى، وهو استمرار بناء السد.
اختارت مصر الطريق الدبلوماسى لحسم هذا الملف من مبدأ تحقيق المصلحة لكل الأطراف المعنية بملف مياه النيل، وراهنت على أن تذهب باقى الأطراف نفس المذهب، لكن ووفقًا لما يحدث الآن نحن أمام وضع يتبين كل يوم أنه لا يستجيب للطموحات المصرية، فليس من المعقول أن تكون القضية حتى الآن محصورة فى أنه لم يتم التوصل إلى اختيار مكاتب استشارية التى ستحدد تأثيرات بناء السد سلبًا وإيجابًا على مصر والسودان.
هل من المعقول أن يظل الوضع فى هذا الملف الأخطر على الأمن القومى المصرى لحين العثور على مكاتب استشارية؟، ألم ننتبه بعد إلى أن إثيوبيا تتعمد إضاعة الوقت عمدًا حتى يصبح السد صرحًا لا يمكن وقفه؟