الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 05:25 ص
يوسف أيوب

يوسف أيوب

هل يكون جواز السفر الأفريقى بداية للاتحاد؟

7/15/2016 2:02:05 PM
الأحد والاثنين المقبلان تستضيف مدينة كيجالى عاصمة رواندا اجتماعات الدورة السابعة والعشرين لقمة الاتحاد الأفريقى تحت شعار «إعلان عام 2016 عاما لحقوق الإنسان، مع التركيز على حقوق المرأة»، ولبحث عدد من الموضوعات المهمة، وبالتأكيد فإن الوضع فى جنوب السودان فرض نفسه وبقوة على القمة، خاصة بعد تدهور الوضع بشكل غير مسبوق، مما يستدعى تدخلاً من جانب الأفارقة لإيجاد حل سريع للأزمة قبل أن نصل إلى طريق مسدود.

ويبقى الموضوع الأهم فى هذه القمة هو إطلاق جواز السفر الخاص بالاتحاد الأفريقى، أو ما يطلق عليه «جواز السفر الأفريقى»، الذى من المقرر أن يتم اعتماده أولًا من رؤساء الدول الأفريقية المشاركين فى القمة، ورأينا الأربعاء الماضى حينما نشر المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد صورة لوزير الخارجية سامح شكرى خلال التقاط صورة خاصة بجواز السفر الأفريقى الجديد خلال مشاركته فى قمة كيجالى.

ورغم رمزية الخطوة كونها غير قابلة للتطبيق الكامل على مستوى القارة لمشاكل أمنية ومعلوماتية أيضاً تصعب من تعميم الفكرة، إلا أنها خطوة مهمة لتسهيل حركة الأفراد والبضائع والسلع والخدمات حول القارة، وذلك من أجل رعاية حركة التجارة الداخلية والاندماج والتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

نشأة الاتحاد الأفريقى كانت مرتبطة فى الأساس برغبة الأفارقة فى تكرار نموذج الاتحاد الأوروبى، بأن يكون هناك حكومة أفريقية وجيش أفريقى وتأشيرة موحدة وجواز سفر موحد، وربما فى وقت ما الوصول إلى توحيد العملة بعد توقيع اتفاق للتجارة الحرة بين دول القارة، لكن الاتحاد تأسس وبقيت أهدافه مجرد حبر على الورق، لم يكتب لها التنفيذ حتى الآن، ورغم الاجتماعات المتكررة على مستوى القادة، حيث يجتمعون سنوياً مرتين، لكن القضية أكثر تعقيداً من فكرة دورية الاجتماعات، لأن المسألة مرتبطة بمدى تقبل الدول الأفريقية لنفس المبادئ والأفكار التى تأسس عليها الاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى أمر آخر مهم وهو البعد الأمنى الذى أصبح المحرك الأساسى لكل القرارات، فأفريقيا التى لا تزال دولها تعانى من حروب واقتتال أهلى وغياب تام لقواعد الديمقراطية والتداول السلمى للسلطة، من الصعب أن يحدث بينها اندماج سياسى وأقتصادى.

لقد نجح الأفارقة فى أن يكون لهم نموذج خاص بهم فى حل المشاكل القارية عبر مجلس السلم والأمن الأفريقى، وعبر آلية بعثات حفظ السلام الأفريقية المنتشرة فى عدد من بؤر التوتر بالقارة، لكن هذا نجاح محدود، لأن القضية أكبر من فكرة الاتفاق على آليات لحل المشاكل أو المساعدة فى الحل وحفظ الأمن، فالقضية أساسها مرتبطة بالتنمية وقدرة دول القارة على تلبية احتياجات مواطنيها، فضلاً عن الشىء المهم بالنسبة لى وهو القضاء على الفساد الذى أصبح السمة المميزة للعمل فى القارة، وهى مهمة صعبة للأسف، لأن الفساد استشرى بشكل مخيف، ويجعل من الصعب القضاء عليه أو محاصرته، وهو ما يؤكد بأن تحويل الاتحاد من اسم إلى واقع ليس مطروحاً فى الوقت الراهن.

بالطبع الأفارقة قطعوا خطوات مهمة مثل اعتماد الميثاق الأفريقى لحقوق الإنسان والشعوب ودخوله حيز النفاذ، وبدء العمل الفعلى لكل من اللجنة والمحكمة، التى تشكل جميعها تحولا حقيقيا فى مسار التعامل القارى مع قضايا حقوق الإنسان، كما أنهم أعطوا مثالاً يحتذى به فى الالتزام بالقرارات الأفريقية، ويكفى أن الترشيحات الأفريقية للمناصب والمقاعد الدولية تخرج بتوافق الدول الأفريقية دون تنافس بينها على عكس الآخرين، كما أنه لا يثبت تورط الاتحاد فى التخلى عن المبادئ التى تأسيس عليها، وأذكر هنا رفضه لمحاولات عدد من الدول لإعادة وضعية إسرائيل كدولة مراقب داخل الاتحاد، بسبب السياسات الاستيطانية والاحتلالية لإسرائيل، لكن كل هذا لا يشفع لنرى الاتحاد الأفريقى شبيها لنظيره الأوروبى، لأن الأمور كما قلت أكثر تعقيداً.

من الصعب تحميل قمة كيجالى أو غيرها من القمم مسؤولية الإخفاق فى التوصل إلى حلول سريعة لكل ما تعانيه القارة، لأن الأزمات كثيرة ومتعددة، وعلى رأسهم بالطبع انتشار الجماعات الإرهابية والمتطرفة فى دول القارة، مثل جماعة بوكو حرام وتنظيم داعش الإرهابى، فهذه الجماعات تمثل تهديداً خطيراً يواجه القارة، ويدفعها إلى ضرورة العمل على تكثيف التعاون الأمنى والمعلوماتى فيما بينها.

print