لن تعلو رايات الإسلام فى السماء إذا تخلص المسلمون مثلا من الملايين غير المسلمين فى أوربا، ولن تعلو رايات الإسلام فى مصر إذا تخلص المسلمون فيها من المسيحيين، ستعلو رايات الإسلام فقط إذا كان هناك مسلمون يؤمنون حقا بأن أعظم ما فى دينهم هو التسامح والعدل والعقل.
أقول ذلك بمناسبة أحداث الإرهاب التى تتعرض لها أوربا، وما يحدث عندنا فى صعيد مصر فى الآونة الأخيرة من محاولات لتأجيج الفتن الطائفية، وآخره قبل يومين فى قرية «صفط الخرسا» بمركز الفشن فى بنى سويف، حيث قام نحو 50 شابا بإلقاء الحجارة على منزل بالقرية بعد تردد شائعة عن إنشاء كنيسة بأحد طوابقه، مما أدى إلى تهشم واجهة المنزل وسيارة ملك صاحبه.
جاءت اشتباكات «صفط الخرسا» تالية لاشتباكات أخرى مماثلة وقعت فى محافظة المنيا، والمصيبة أن النار تشتعل على أثر شائعات خبيثة يسربها وينشرها مغرضون يقصدون الإبقاء على حالة الفتن.
ومنذ سنوات طويلة، والشائعات هى الشائعات: «إنشاء كنيسة فى أحد البيوت»، وبعدها تنفجر الأوضاع التى قد تؤدى إلى سقوط قتلى، ثم نفاجأ فى نهاية الأمر بجلسات صلح بين كل الأطراف، وعلى إيقاع القبلات المتبادلة والكلام الطيب يتم الصلح وكأنه لم تكن هناك جريمة حدثت، وبعد فترة تتفجر الأوضاع من جديد فى مكان آخر لنفس السبب، مما يؤكد أننا أمام وضع لم تتم خلخلته ولا علاجه على الوجه الصحيح، وضع ارتضينا أن نهدئه بمسكنات.
لن تنتهى المشكلة بتكرار التحذير من أن هناك متربصين بمصر وبأمنها القومى، وأن المتربصين يريدون الإمساك بأوراق يضغطون بها على مصر، وبالرغم من أن هذا صحيح فإن إعادة إنتاج الحدث بنفس أسبابه يعنى أن القصة ليست فى تكرار التحذيرات، فمنذ سبعينيات القرن الماضى ونحن على هذا الحال.
أكثر ما يلفت النظر فى هذه الموضوع، أنه بعد ثورة 25 يناير ثم 30 يونيو، هناك قدر من الخفوت فى مسألة الشحن الطائفى، صحيح أن هناك حوادث تفجرت بعد ثورة 25 يناير لكن تم تطويقها، وفى الفترة التى حكم فيها الإخوان حاولت الجماعة وأنصارها اللعب بالورقة الطائفية، لكن يقظة العامة أفسدت هذا المخطط، فلماذا يعود الأمر الآن؟