اختتم ما بدأته من كتابة حول الملك فاروق، بعد أن اخترت زاوية واحدة فقط فى قصته وهى ثروته المالية الضخمة، وكيفية تكوينها بطرق غير شرعية.
وبالطبع لم أغطِ الحديث عنها كاملا، فهناك حقائق ومعلومات مدهشة حولها، تتحدث عنها الدكتور لطيفة سالم باستفاضة فى كتابه المهم والضخم «فاروق وسقوط الملكية فى مصر»، وكما ذكرت فإنه مع قيام ثورة 23 يوليو 1952 وخلع فاروق من الحكم برحيله عن مصر يوم 26 يوليو، كان حجم ثروته من الأراضى الزراعية، 48 ألف فدان، و93 ألفا من أراضى الأوقاف، وبذلك كان أكبر مالك للأراضى الزراعية فى مصر، مما يدفع إلى السؤال: هل يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية فى ظل ذلك؟.
أثناء الكتابة أمدنى الكاتب الصحفى والمترجم المحترم أحمد هريدى بكتاب قام بترجمته منذ سنوات بعنوان «فاروق ملك مصر- حياة لاهية وموت مأساوى»، ومؤلفه كاتب وسيناريست أمريكى هو «وليم ستادين»، واعتمد فى مادته على مراجع ومقابلات حية مع أشخاص عاصروا الملك وكانوا قريبين منه، يتحدث الكتاب عن فاروق منذ طفولته، مرورا بمراحله العمرية المختلفة والتحديات السياسية الهائلة التى مر بها، يتحدث عن والده فؤاد الذى نجح فى أن يكون أقوى، وأغنى رجل فى البلاد، فهو أيضا نجح فى أن يحصل على أكبر قدر من مقت المصريين وبغضهم وكراهيتهم، كان فؤاد يملك بمفرده سبع مساحة الأراضى الزراعية فى مصر، ومائتى سيارة وخمسة قصور، ويختين، وعددا كبيرا من الاستراحات الملكية وبيوت لرحلات الصيد من البحر المتوسط وحتى السودان وقطار خاص.
يؤكد الكتاب أن المصريين لم يضمروا حسدا لفاروق على ماورثه من أموال وأراض وعقارات وغيرها من ثروات، فمنذ عصر الفراعنة والمصريون يحملون التوقير والتبجيل لحكامهم، ويعيشون حياة تتسم بالقبول والرضا، وهكذا بدأ فاروق حكمه دون أى مناقشة أو اعتراض أو ضغينة، وهى بداية لم تتحقق لفرعون أو حاكم لمصر قبل فاروق.
انتهت حياة فاروق كحاكم عكس ما بدأت، فحين قامت ثورة 23 يوليو ضده كان قد وصل حكمه مرحلة من العبث الذى كان لابد له من التوقف، فتوقف ليس بضغط السلاح وإنما بحتمية التاريخ.