فى مايو الماضى، خرج علينا بعض المنتمين لجماعة الإخوان ومن يواليهم من داخل وخارج السجون، من يبشرنا بأن هناك مراجعات حقيقية يقوم بها حمائم الإخوان داخل السجون، وأن هناك مشاورات حقيقية بين عدد من أعضاء هيئة الدفاع للمتهمين وبعض قيادات الإخوان المسجونين، ليس من بينهم نائب المرشد خيرت الشاطر، والمرشد محمد بديع، ليس لتشددهما كما قالت المصادر، ولكن لأن الوسطاء طرحوا أن يتم استبعاد هذه القيادات فى بداية المراجعات، ويتم عرضها فى النهاية عليهما، وقتها خرجت أصوات معتدلة من التنظيم الدولى بالخارج أمثال عصام تليمة يلمح لوجود مثل هذه النوعيات من المراجعات، وإن لم يصرح بوجودها بشكل مباشر، ولكن تليمة طالب بعزل جميع قيادات الصف الأول الحالية فى جماعة الإخوان المسلمين بمصر لصالح جيل جديد من الشباب، وبالفصل بين العمل الدعوى والعمل الحزبى داخل الجماعة، وكذلك بتجديد أدبيات الجماعة ذات الطابع الإصلاحى لتتناسب مع «مرحلة العمل الثورى» الحالية بحد وصفه. كما ذهب تليمة إلى ضرورة قبول أعضاء الجماعة للنقد الموجه إليهم وللجماعة، باعتبار ذلك وسيلة لإصلاحها، بل طالب بإعمال مبدأ محاسبة قيادات الجماعة فى مجال النجاحات والإخفاقات على السواء، واعتبر كلام تليمة واحدة من شروط المراجعات التى بدأت السلطات فى مصر تنتبه إليها، حتى إن بعض القيادات الأمنية التى ترفض دائما أن تذكر اسمها أشارت إلى أن أعلب قيادات السجون بدأت منذ مايو تتحرك فى سبيل الإعداد لما يعرف بالمراجعات الإخوانية، بعد أن شعر عدد كبير من هذه القيادات بأن الضربات الأمنية أنهكت أعضاء الجماعة خارجيا وداخليا، وأن المراجعات باتت ضرورة ملحة، لأن الصدام الدائم لن يفيد إلا أعداء الجماعة، لذا فالتحرك مطلوب الآن قبل الغد.
وبعد أكثر من 5 شهور عادت نغمة المراجعات داخل صفوف الجماعة تعود من جديد، وهذه المرة من داخل السجون، حيث تم نقل أعداد كبيرة من المتهمين الإخوان ممن طالبوا بضرورة وجود وقفة حقيقية مع ما يجرى داخل الجماعة، وهو الخيط الذى التقطته عدد من القيادات الأمنية، وبدأت فى نقل قيادات التطرف من الجماعة فى سجون أخرى وجمع من لديه قناعة بالمراجعات فى سجون دون تدخل من الأجهزة الأمنية لعدم إعطاء أى شرعية وحتى لا يخرج أى قيادى بالجماعة يزعم أن هناك تفاوضا بينها وبين الدولة، خاصة أن الأخيرة تطالب بضرورة اعتراف الإخوان بكل ما حدث بعد 30 يونيو 2013 واعتباره شرعية، وأن تتبرأ الجماعة من كل عمليات العنف، وهو ما يرفضه صقور الإخوان خاصة من هم بالسجون، ولكن السؤال الأهم الذى يجب أن نطرحه ليس للإخوان، ولكن للنظام الحالى، وهو هل يقبل الاعتراف بما يعرف بمراجعات الإخوان، خاصة بعد أن أصبحت حقيقية، وأن هناك من يدعمها من حمائم الإخوان، وأن السجون ربما تكون هى مسرح عمليات المراجعات، ويتم الخروج بوثيقة لن تختلف عن وثيقة مراجعات تنظيمى الجهاد والجماعة الإسلامية التى وضعت حدا لكل أعمال الإرهاب فى مصر، واحتفى بها الجميع، سواء من داخل النظام أو خارجه، ويبدو أن الإخوان لم يعد أمامهم إلا طريق المراجعات الحقيقية، التى ربما يساهم فيها بعض قيادات التنظيم فى الخارج، وعلى رأسهم تليمة وآخرون فى نجاحها، والتخوف الآن أن يعتقد الشاطر أو بديع أو محمد البلتاجى وهم من صقور الإخوان أن نظام السيسى يتهاوى، وأنه يعرض على الإخوان المصالحة وهى مزاعم غير حقيقية، لأن النظام يرى أن كل شىء فى يد القضاء، وهو ما عبر عنه الرئيس السيسى فى كل تصريحاته، إذا القرار فى يد صقور الإخوان الذين يجب أن يتحولوا إلى حمائم لصالح الأعضاء فهل يفعلها الشاطر أو بديع ؟ أشك فى أن يفعلا شيئا.