البعض يعد خناقة الدكتور أحمد زكى بدر، وزير التنمية المحلية، والمهندس محمد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية، «شىء إيجابى» وإحدى ثمار تغييرات فى الثقافة السياسية للمجتمع، خاصة السلطة التنفيذية، والتحول من ثقافة «السمع والطاعة» إلى ثقافة «الاعتراض والرفض». .
وهذا أمر لا يجب إغفاله بالطبع. لكن يبدو أن القضية أعمق من مجرد خلاف بين الوزير والمحافظ تحول إلى «خناقة» على الهواء مباشرة تبادل فيها بدر وعبدالظاهر الاتهامات بإهدار المال العام، وكشف المحافظ عن بعض «المسكوت عنه» فى الإسكندرية التى يبدو أنها ستكون محطة مهمة للكشف عن فضيحة فساد كبرى قريبًا تتورط فيها شخصيات كبرى ووزراء أيضا سابقون وحاليون.
المحافظ عليه ملاحظات كثيرة فى أدائه بالإسكندرية، تغضب أهالى الثغر منه، خاصة فى مسألة «الزبالة» بالمدينة، لكنه فى هذه القضية سيجد له أنصارا كثيرين لأنه كشف عن قضية كبرى يتحدث عنها الناس فى الإسكندرية وبدأ صداها يتردد فى القاهرة، والمسألة لا تتعلق بقضية أرض الحديقة الدولية التى تحدث عنها المحافظ واتهم الوزير بإهدار مليار جنيه قيمة الأرض على الدولة، بسبب الموافقة لأحد المستثمرين بالحصول على الأرض.
الخناقة، كما يردد أهالى الإسكندرية، تكشف عن صراع قوى ومعركة تدور رحاها منذ أشهر، بدأت باختيار عبدالظاهر خلفًا للمحافظ هانى المسيرى الذى كان يدعمه الوزير، ولا ينسى أحد كيف دافع بدر بقوة عن المسيرى فى كارثة غرق الإسكندرية ولم يتم عزل أو إقالة المحافظ إلا تحت ضغط الرأى العام، ومع تولى عبدالظاهر وما تردد عنه تصريحه بأنه الأجدر بمنصب الوزارة من زكى بدر بدأت المعركة والتربص بين الجانبين، ومع الكشف عن أرض الحديقة الدولية وضح أن كلا الطرفين يملك ما يكفى للتشهير بالآخر، وفى الوسط بينهما أسماء كثيرة بينها وزراء حاليون وسابقون ورجال أعمال كبار أحدهما يتولى رئاسة أحد الاتحادات الشعبية.
المفاجآت كثيرة فى الخناقة التليفزيونية، وفشل الصلح بين الوزير والمحافظ سوف يكشف خلال الأيام المقبلة عن فساد أكبر أبطاله رجال أعمال ووزراء فى منطقة أخرى هى منطقة «محطة الرمل».
الخناقة هى مجرد دخان لنيران مشتعلة تحت السطح، وكل طرف قرر هدم المعبد ورفع شعار «عليا وعلى أعدائى».