الجمعة، 22 نوفمبر 2024 09:18 م
أكرم القصاص

أكرم القصاص

ظرفاء ومستظرفون على حوائط العالم الافتراضى

8/10/2016 10:43:43 AM
تمثل مواقع التواصل حائطا لا نهائيا للكتابة، وتقدم لكل الناس فرصا متساوية للتعبير عن الرأى، ويتلقى الحائط الافتراضى، تدوينات وملاحظات وآراء فى كل شىء، من الدين للعلم ومن السياسة للرياضة، والتنكيت والتبكيت، والغضب واليأس والرجاء.

البعض يتعامل مع حوائط الفيس بوك وتويتر على أنها مساحات علنية، والبعض يفضل معاملتها مثلما يعامل حوائط الحمامات العمومية التى كانت فى الكثير من الأحيان متنفسا للمحبطين والخائفين والغاضبين والخجولين، ممن يفضلون عدم ذكر أسمائهم وهم يكتبون شتائم أو كلاما فاحشا، بعض هذه التدوينات لا تخلو من خفة دم، والبعض الآخر مجرد إفرازات.

بعض هذا العالم انتقل من حوائط الحمامات العمومية إلى حوائط مواقع التواصل، حتى لو كان بعضها يحمل آراءً سياسية أو اجتماعية، لا يخلو من سب وشتائم وإفرازات انتشرت فى فترة من الفترات، بل إن الشتيمة كانت فى فترة من الفترات تعبيرا عن الثورية والعمق، وكانت بعض البنات والسيدات ينافسن فى هذا المضمار إمعانا فى تأكيد المساواة، لكن مع الوقت تراجعت هذه العادة وتقلصت إلى حيز محدود.

هناك مولعون بتصوير أنفسهم فى أوضاع كوميدية أو خطابية. ووسط زحام التنكيت و«التيوبات» الكوميدية، يمكن العثور على قليل يحمل الكثير من خفة الدم الطبيعية، وما أن يتحول التيوبى إلى محترف حتى تبدأ عملية إنتاج الملل وثقل الظل. وليس على المستظرف حرج طالما ينتج لنفسه لكنه ما أن يخرج منتجاته من حيز الخاص للعرض العام حتى يصبح محطا للنقد والخلاف.

وقد تسرب للإعلام عدد لابأس به من ظرفاء يوتيوب. يبذلون جهودا ضخمة لإضحاك الجمهور وإرضاء الرعاة والمعلنين للاستمرار، منهم من ينجح ومنهم من يتلاشى، ومقابل كل واحد كوميدى تظهر عشرات الحالات التى تقلد مثلما يحدث فى الآراء والمناقشات التى تدور باستعمال كلام مكرر أو منقول أو مسروق، وغالبا تضيع حقوق المؤلف المسروق، لأن السارق إما شخص مجهول، أو معروف يستعير البوستات والإفيهات ليعيد إنتاجها ويخفى ملامحها فتصبح ملكه ويصعب اتهامه بالسرقة، فعالم التواصل الافتراضى مزدحم مثل مولد وفارغ مثل قرعة. وتبقى مواقع التواصل حوائط ممتدة يمكنها أن تتحمل القليل من الجدية والقليل من الظرف، والكثير من الاستظراف.

print