الفساد فى الدعم والتموين وكل ما يتعلق بالمال العام لم يولد اليوم، ونعرف أن الفساد فى المحليات بكل أنواعها موجود ومتوفر، ويزداد شراسة كل يوم، سنوات وعقود كان ما يتم نهبه يساوى تقريبا أو ربما يزيد على الأصل، وفى حال أن استطعنا أن نسد ثغرات وأبواب الفساد يمكن أن تتضاعف الموازنات وينخفض العجز.
نرى خلال الشهور الماضية عشرات وربما مئات من القضايا التى يتم ضبطها، بالصوت والصورة، رشاوى واختلاسات، وهو جهد واضح للرقابة الإدارية، لكن نظريا تمثل هذه الحالات نسبة 2 إلى %10 من حجم الفساد. والدليل أنه بالرغم من أن عمليات القبض والضبط تتم علنا وتنشر أخبارها، فإنها لا تمثل رادعا، وتتكرر عمليات الفساد كأن شيئا لا يحدث، بما قد يعنى أن العمليات المختلفة لا تمثل رادعا لمن يقررون ممارسة الفساد.
وكما أشرنا فإن المنظومة القائمة فيها ما يمثل أبوابا للمال السائب، تعلم السرقة، وتشجع عليها. وتحتاج إلى آليات جديدة تسد هذه الأبواب بالشكل الذى يجعلها غير قابلة للسرقة، لا يوجد باب فى المال العام يستعصى على الفساد والسرقة، وهو أمر معلوم من عقود ومستمر، ويمثل إهدارا يوميا للمال العام، يكفى حال ضبطه فى توفير عجز الموازنة وزيادة.
لدينا أجهزة رقابية متنوعة تمارس عملية الرقابة دون أن تستطيع مواجهة كل المخالفات والفساد، وبالتالى هناك حاجة لإعادة بناء تصور شامل للرقابة والمحاسبة، تتماشى من تطورات أشكال الفساد.
الحكومة تؤكد أنه لا تهاون مع الفساد، وأنها تبذل جهدها، وأن هناك أجهزة رقابية، ومع كل هذا يظل العبء عند الحكومة أولا التى يفترض أن تبحث عن تشخيص للثغرات التى يتسرب منها الفساد، وأن يتم تغيير الطريقة السائدة التى يبدو أنها بالفعل قابلة للفساد بشكل تام.
قد يكون تغيير نظام الإدارة نفسه، أو نظام توزيع الدعم، وأيضا المحليات والإدارات الهندسية التى تسمح بكل هذه المخالفات وترخص للبناء على الأراضى الزراعية وأراضى الدولة، وتتعسف مع المخالفات البسيطة، وتتسامح مع الكبار، وهناك شبكات فى الأحياء والمدن والقرى تسمح بكل أنواع المخالفات، مثلما هناك عمليات نهب مستمرة من عقود لمقدرات الدعم.
كل هذه الأمور يمكن رؤيتها بالعين المجردة، ولا تحتاج إلى جهد، ويمكن لو تم سد ثغرات المال السائب أن نوفر ما يغنينا عن «سؤال اللئيم».