لا نعرف كيف ومتى تنتشر الشائعات الموجهة سياسياً لتأليب الرأى العام على الحكومة والنظام فى مصر، لكنها تنفجر غالباً على مواقع التواصل الاجتماعى، وتنتشر بحكم أن الغالبية منا تعشق النميمة وتعيش سماعى، لا نفكر كثيراً فيما تسمعه ولا نختبره أو نفكر فيه، كما أننا فى الغالب نميل إلى تصديق الأخبار السيئة والكوارث، ونلتزم الصمت الرهيب أمام الأخبار المفرحة والإيجابية.
فى الفترة الأخيرة، انتشرت شائعة تنازل مصر عن جزيرة «تشيوس» لليونان بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، لماذا الآن انفجرت هذه الشائعة، رغم عدم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان حتى الآن؟ ولماذا لم يسأل أحد عن العلاقة بين مصر وبين هذه الجزيرة؟ أو المسافة بين أقرب نقطة مصرية وبينها والمسافة بين أقرب نقطة يونانية وبين الجزيرة؟ ومتى تجاوزت السيادة المصرية إلى بقاع بعيدة عن حدودنا الجغرافية بعد ترسيم حدودنا مع الاستقلال عن بريطانيا العظمى؟
بدلاً من إثارة هذه الأسئلة والتفكير فيها، سارع محاميان مجهولان، ممن ينطبق عليهم هواة الشهرة، برفع دعوى قضائية أمام القضاء الإدارى لوقف تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان، أسوة بالدعوى المرفوعة حول تيران وصنافير، وترك مستخدمو مواقع التواصل كل الهموم والمشاكل، كما تركوا كل الأسئلة المنطقية حول الموضوع وتفرغوا للندب والبكاء على حال مصر التى تبيع جزرها وممتلكاتها، أو السخرية وإطلاق النكات والقفشات حول بيع الأرض المصرية على غرار عواد باع أرضه.. إلخ.
لم يلتفت مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى لكل الردود الرسمية التى صدرت، سواء من وزارة الأوقاف مالكة الحقوق المزعومة على الأراضى اليونانية، أو من رئاسة الوزراء التى أعلنت صراحة أن جزيرة «تشيوس» اليونانية تعود ملكيتها من الأصل للدولة اليونانية، وليست ملكاً للدولة المصرية على الإطلاق، وأنها ملتصقة جغرافياً بالحدود اليونانية وبعيدة كل البعد عن الحدود المصرية، ولم تكن فى يوم من الأيام ملكاً لمصر أو خاضعة للسيادة المصرية، ولم يتم ترسيم أى حدود بحرية مع الجانب اليونانى حتى الآن، وأن لمصر بعض الممتلكات تتبع وزارة الأوقاف المصرية على جزيرة ثاسوس اليونانية فقط، وهذا كل ما فى الأمر، لكن تقول لمين؟
لا يتبقى سوى أن يطلق أحدهم شائعة أن العاصمة الفرنسية باريس مصرية، وأنها مرتبطة بواحة باريس عندنا وأننا تنازلنا عنها لفرنسا وفق صفقة ما!
#تحيا مصر