حاولوا الاستفادة من مصباح علاء الدين السحرى الذى كان يمتلكه «الوريث» لتحقيق مصالحهم الشخصية
هاتفنى منذ أيام قليلة، شخصية بارزة ومحنكة فى العمل السياسى والحزبى، بدأه فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان أحد المقربين منه، واستمر فى عهد مبارك، وكان من أبرز رجالات الحزب الوطنى، قيمة وقامة.
بالنسبة لى، هذه الشخصية تمثل كنزا أرشيفيا ضخما، ومخزنا معلوماتيا استراتيجيا لفترات مهمة من تاريخ مصر.
الرجل سرد لى وقائع وقصصا وحكايات كانت تدور خلف كواليس السلطة فى عهد مبارك، وما كان يعد فى مطبخ صنع القرار فى الحزب الوطنى، ولفت نظرى من بين الحكايات، واقعة اختيار جمال مبارك للثلاثى، الدكاترة، عمرو حمزاوى، وأسامة الغزالى حرب، ومحمد كمال، من بين ما اختار لإحداث إصلاح وتحديث شامل، وتجديد فى دماء شرايين الحزب الوطنى.
الثلاثة وافقوا دون تفكير، كل، واحد منهم كان له حلم يسعى بكل قوة لتحقيقه، وأن الالتصاق بجمال مبارك، فرصة ذهبية لتحقيق هذا الحلم.
الدكتور أسامة الغزالى حرب، المعارض العتيد الآن، كان يشتاق للجلوس على مقعد رئاسة تحرير جريدة الأهرام العريقة، ويرث مقعد إبراهيم نافع، ورغم أن التصاقه بجمال مبارك حقق له عضوية مجلس الشورى لمدة 12 عاما كاملة، إلا أن الرجل كان حلمه الكبير الجلوس على مقعد رئاسة تحرير الأهرام، وبالفعل جمال مبارك حاول تعيينه خلفا لإبراهيم نافع، عام 2005، لكن صفوت الشريف، رفض ووقف بكل بقوة، حائلا دون تعيينه، ومرر قرار تعيين أسامة سرايا خلفا لإبراهيم نافع.
الأمر الذى أشعل نار الغضب فى صدر أسامة الغزالى حرب، وبدأ يظهر نوعا من التمرد، ومحاولة القفز من سفينة الحزب الوطنى، ويجرى عملية فصل الالتصاق بجمال مبارك، وبالفعل قفز من السفينة، وارتدى عباءة المعارض والثورى.
أما عمرو حمزاوى، وكما أكد لى السياسى الكبير، فكانت أحلامه الظهور على المسرح السياسى، ورأى أن تحقيق الاقتراب من السلطة، والنهل من عسل الشهرة، لا يمكن أن يتحقق إلا بالاقتراب والالتصاق بجمال مبارك، بصفته المالك الحصرى لمصباح علاء الدين السحرى، الذى يحقق المعجزات بمجرد «حكه».
وكان ينافسه فى الالتصاق بجمال مبارك، الدكتور محمد كمال، وحاول عمرو حمزاوى حشد كل قوته، ونظرياته السياسية، ومصطلحاته المكعبرة، للفوز بثقة فتى مصر الأول وصاحب مصباح علاء الدين، حينها، إلا أن جمال مبارك، وكما أكد لى السياسى المحنك وأحد أهم القريبين من مطبخ صنع القرار بالحزب الوطنى، لم يسترح لعمرو حمزاوى، ورأى فيه أنه ظاهرة صوتية فقط، ونظرياته بعيدة كل البعد عن الواقع السياسى فى مصر، وأن الدكتور محمد كمال، أكثر تمكنا، ونضجا سياسيا، وهدوء، والعمل فى صمت من عمرو حمزاوى.
وشعر عمرو حمزاوى، بالتهميش، واهتمام جمال مبارك بمحمد كمال، أكثر، فقرر الانصراف فى صمت، وعندما اندلعت 25 يناير 2011، رأى فيها الفرصة الذهبية، لتحقيق ما يصبو إليه، بالقفز على المسرح السياسى، وأن يكون رقما فى المعادلة السياسية فى ثوبها الجديد.
وخاض عمرو حمزاوى انتخابات برلمان الإخوان، ولولا وقوف أهالى مصر الجديدة الذين منحوا أصواتهم له نكاية فى الإخوان، ما نجح، ومع ذلك أظهر عمرو حمزاوى فى بداية أدائه البرلمانى، غضبا وسخطا على أعضاء وقيادات الحزب الوطنى خاصة لجنة جمال مبارك ورجاله، ورأى فيها فرصة لتصفية الحسابات القديمة، فتقدم بقانون عزل أعضاء الحزب الوطنى، وركب فى سفينة الإخوان وأصبح مستشارهم السياسى.
هكذا يتضح، أن الذين يعارضون بكل قوة الآن، هم أنفسهم الذين كانوا ملتصقين بجمال مبارك المالك الحصرى لمصباح علاء الدين السحرى حينذاك، لتحقيق آمالهم وطموحهم الشخصى، وعندما فشلوا فى تحقيق ذلك انقلبوا عليه.
لكن، وإذا كانت ذاكرة المصريين، تنسى بالفطرة، فإن التاريخ له مكر عظيم، لا ينسى، ودائما يذكرنا بمواقف المتقلبين حسب المصالح الشخصية، والبحث عن مغانم.