ما كان من الممكن أن يحقق الجيش الليبى انتصاراته على تنظيمات الفوضى من دون ظهير شعبى، الليبيون تعرضوا خلال خمس سنوات لحرب من أطراف مختلفة دولية وإقليمية، كان داعش الأبرز لكنه طرف من أطراف الحرب بالوكالة لتقسيم ليبيا، وتقديمها جائزة لمرتزقة الفوضى، تلقى الإرهابيون دعما غير محدود بالمال والسلاح من قطر وتركيا للسيطرة على النفط الليبى وسرقته.. عندما ظهر خليفة حفتر واجه حملات دعائية تحاول تصويره كأحد أطراف الأزمة.
وروجت قناة الجزيرة وقطر مصطلح «ميليشيات حفتر» على رجل أعاد بناء جيش ليبى وطنى، فى ظروف صعبة، لكن الليبيون أدركوا أهمية وجود جيش قوى يضمن إفشال مخططات تقسيم كانت واضحة، والمفارقة أن قطر البعيدة عن ليبيا كانت تمول الإرهاب، بينما مصر تعلن أنها تدعم حق الشعب الليبى فى وطنه ونفطه، وساهمت مع الصين وروسيا فى مواجهة محاولات التدخل بليبيا داخل مجلس الأمن.
تزامنت انتصارات الجيش الليبى مع صدور تقرير لجنة الشؤون الخارجية البريطانية الذى أدان ديفيد كاميرون، الذى اندفع لعمل عسكرى فى ليبيا بناء على «معلومات استخبارية غير دقيقة» وتضخيم القلق حول المدنيين والتصرف بناء على «افتراضات» قادت إلى تدهور الأوضاع وظهور داعش. و«فشل سياسى واقتصادى» وحروب وتزايد دور «داعش».
حفتر رجل المرحلة وليس مجرد قائد عسكرى مغامر، فقد أبدى إدراكا استراتيجيا لأوراق اللعب وتوازنات القوى، وقدم طمأنة للشعب الليبى. وما كان له أن يحقق هذه الانتصارات والسيطرة على الهلال النفطى ما لم يكن قادرا على امتلاك الرؤية الاستراتيجية والتنسيق العسكرى والسياسى.
اكتفى الجيش بتأمين منشآت النفط وترك التصرف فيها للبرلمان المنتخب الذى يمثل أعلى سلطة تمثل الشعب الليبى، وكان بهذا يرد عمليا على تصريحات أمريكية وأوروبية تطالب كل الأطراف بالانسحاب من منشآت النفط، فى محاولة للمساواة بين الإرهابيين وداعش من جهة، وبين الجيش الوطنى الليبى المدعوم شعبيا من جهة أخرى.
الدور الاستراتيجى للمشير حفتر يقابله الدور السياسى القوى الذى يقوم به رئيس البرلمان عقيلة صالح، الذى أعلن من البداية أن تحركات الجيش الوطنى تتم بناء على تكليف الشعب الليبى، وأن ما جرى فى الهلال النفطى شأن ليبى، وطمأن الشعب الليبى ودول العالم بأن إجراءات تصدير النفط تتم بضوابط قانونية مدنية تضمن مصالح الأطراف المحلية والدولية، عقيلة صالح يدرك حجم الخداع من الدول الغربية التى صنعت الفوضى.