الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 11:01 م
كرم جبر

كرم جبر

46 عاماً على رحيل جمال عبدالناصر

9/27/2016 11:26:24 PM
لقى الرئيس جمال عبدالناصر ربه، الساعة السادسة والربع مساء يوم 28 سبتمبر 1970، وكان عمره 52 سنة و8 أشهر و13 يوما، وغدا يمر على ذكرى رحيله 46عاما بالتمام والكمال، لم تذق خلالها مصر ولا العروبة طعم الراحة، حروب وصراعات وإخوان وجماعات إسلامية وثورات الجحيم العربى، ومن بين تلال الهموم والأحزان تطل علينا ذكراه، فتبكى العروبة التى عاش ومات من أجلها، وآه لو كان ناصر حيا لفجر فى النفوس بركين الثورة والغضب.

لم يكن يعانى من أمراض مستعصية، يمكن أن تؤدى إلى الموت فى هذه السن المبكرة، سوى السكر الذى أصيب به بعد هزيمة يونيو 1967، ونجح الأطباء فى السيطرة عليه، بجانب تصلب الشرايين، وهى أمراض يتعايش معها من هم فى السبعين والثمانين ، ولكن المرض الأكبر الذى أصاب قلبه هو مذبحة أيلول الأسود، حزنا على آلاف الفلسطينيين الذين ذبحوا فى المجزرة، وفلسطين كانت الروح التى تسرى فى الجسد، وعندما طعن العرب قلوبهم بأيديهم وخناجرهم، أسلم عبدالناصر الروح.

ولكن بعيدا عن العواطف والمشاعر، لم يكن الفلسطينيون أبرياء تماما، بعد أن طمعوا فى الأردن واستباحوا سيادته وأراضيه، وأنشأوا دولة داخل الدولة فى الأردن، وكان على الملك حسين أن ينقذ عرشه بعد أن حاولوا خلعه، وبدأت حرب الإبادة والتصفية الدموية الشرسة للفصائل الفلسطينية فى الأردن، وعبدالناصر لا ينام بالليل أو بالنهار، وبذل جهدا خرافيا أدى إلى انسداد ما تبقى من شريانه التاجى، وخروج حالته عن سيطرة الأطباء، وفاضت روحه لبارئها بعد أن نجح فى توقيع اتفاق القاهرة من أجل حقن الدماء الفلسطينية، وإنقاذ ياسر عرفات.

مات عبد الناصر وقلبه معلق بفلسطين وشعبها، وارتفع فوق جحود وغدر قادتها، الذين سبق أن هاجموه وعايروه بهزيمة 5 يونيو، واتهموه بأنه لا يصلح زعيما للأمة العربية، وكان المشهد الأخير فى مطار القاهرة بعد أن ودع أمير الكويت، وقبله كل الزعماء العرب الذين حضروا القمة الطارئة لوقف مذبحة أيلول الأسود، وعاد إلى بيته وطلب كوب عصير، شربه ومات، تاركا وراءه عشرات من علامات الاستفهام حول أسباب الوفاة.

عاش من أجل العروبة ومات حزنا عليها، وارتفع فوق آلامه النفسية حين اتهمته دول الصمود «العراق وسوريا والفلسطينيين» بخيانة القضايا القومية، عندما قبل مبادرة روجرز قبل وفاته بقرابة شهر، وتألم الزعيم الذى وهب حياته للعروبة وضحى من أجلها، فكان لزاما أن يضعه التاريخ فى الصدارة، ويلقى من تجنوا عليه فى صناديق القمامة.

print