الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 01:24 م
أكرم القصاص

أكرم القصاص

أيام 6 أكتوبر.. النوافذ الزرقاء

10/5/2016 12:21:38 PM
رحنا المدرسة بشكل عادى يوم 6 أكتوبر 1973، يوم السبت، أول الأسبوع، كان يوما دراسيا عاديا فى المدرسة الإعدادية. فقط كانت هناك حركة طيران غير عادية فى القاعدة الجوية ببرما، على مرمى كيلومترات من بسيون بمحافظة الغربية.

عدنا من المدرسة وبدأت أدخنة الأفران فى المنازل تنطلق لتجهيز طعام الإفطار اليوم العاشر من رمضان، وقد اعتدنا على الصيام، ونسلى صيامنا بمحاولة غير مجدية للمذاكرة. وباستثناء حركة غير عادية للطائرات، لم يكن هناك ملمح لشىء غير عادى. ربما أباؤنا كانوا يشعرون بشىء غير عادى لايعرفونه.

بعد الظهر، بدأت البيانات العسكرية عن اشتباكات مع طائرات العدو التى حاولت اختراق المجال الجوى، ما أذكره أننى رأيت أبى يصعد على سطح منزلنا يحاول متابعة شىء غير عادى فى الجو. وحتى العصر لم تكن هناك بيانات غير عادية، حتى تم الإعلان عن بيان العبور وتحطيم خط بارليف. وبدأ الكبار يقلبون فى إذاعات العالم، وبدأت الأنباء تنطلق من بى بى سى ومونت كارلو تؤكد عبور المصريين.

كانت مشاعر الفرح ظاهرة لدى أبائنا وأهلنا، ممن عاصروا هزيمة يونيو، وتلقائيا بدأ الناس يحتفلون فى الشوارع، بعض الزغاريد، تلقائيا كان الآباء والأمهات يذهبون لبيوت الأهل ممن لهم جنود وضباط فى الجيش، كنوع من المساندة التلقائية. لم يكن بيت يخلو من مجند أو ضابط. ثم أن الفرح والزغاريد انطلقت من المدارس والمنشآت التى كان يسكنها المهجرون من مدن القناة، تحديدا من بورسعيد، ممن تم إخلاؤهم بعد 5 يونيو. كان الفرح مضاعفا، بحجم تضحياتهم. كنا اعتدنا على وجودهم واختلطنا بهم واختلطوا بنا. وظللنا أصدقاء لسنوات.

بعفوية ظهر شباب ورجال متطوعون فى الدفاع المدنى، وبدأت عمليات بناء جدران أمام المدارس والمنشآت، ظلت سنوات قائمة، وبدأت صفارة الإنذار فوق المساكن الشعبية. وبدأ الناس يتحدثون عن ما يمكن أن يقدموه للمجهود الحربى. أذكر أن أبى الذى كان موجها بالتربية والتعليم خرج ليجتمع مع نظرائه من النظار والمعلمين، والدفاع المدنى ليدرسوا ماعليهم أن يفعلوه. وعاد كل منهم ليبلغ منطقته بالتعليمات، وأن يتم إطفاء النور ليلا، بعد الإفطار مع طلاء الشبابيك والزجاج باللون الأزرق، أحضر الشباب زهرة زرقاء وتطوعوا لطلاء النوافذ.وكان هناك من يمر ليلا ليصيح «طفوا النووور».

الأكثر قراءة



print