اليوم تمر 43 عاما على ملحمة العبور العظيم وانتصارات أكتوبر المجيدة عام 73، اليوم نستعيد ذكريات أيام ومعانى البطولة والمجد والشرف والفداء والتضحية التى تحقق معها النصر المبين، وعبور الهزيمة والانكسار والفشل والإحباط التى لولاها ما تحققت المعجزة بإرادة الشعب وجيشه.
العبور والنصر كان من رابع المستحيلات أن يحدث فى أقل من سبع سنوات، أو هكذا ظن العدو وظنت معه القوى الكبرى فى العالم، ولكن كان كل الظن إثما.. فالشعب المصرى ومعه الشعب العربى من المحيط إلى الخليج استيقظ كالمارد بعد ساعات من هزيمة 5 يونيو 67 وأعلن بكل عزم وعزيمة وقوة إرادة رفضه للهزيمة والتخلى عن قائدة.. وأدهش العالم بتماسكه وإرادته فى الاستمرار للانتصار، لأنها خسارة معركة وليست خسارة حرب، ولم يكسر أو ينحنى ويستسلم رغم حالة اليأس والهزيمة والانكسار والإحباط التى سيطرت على فئات سياسية وثقافية واجتماعية كثيرة.
الإرادة والأمل والعزيمة والتضحية.. كانت هى مفاتيح السر لإزالة آثار العدوان وتحرير الأرض، وهى المعانى التى كسحت أمامها كل دعاوى الإحباط واليأس والاستسلام.. فكان النصر منذ الساعات الأولى من بعد هزيمة يونيو، ودارت ملحمة البطولات فى رأس العش وإيلات ومعارك الاستنزاف، ورفع الشعب قبل القيادة شعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».. وكانت التضحيات من الجميع حتى من الخارجين عن القانون.. لم ينتقد أحد أو يهاجم أو يشيع حالة اليأس والإحباط.. الأمل فى العبور كان مثل الفجر يولد ويبزغ من بعيد، وكان الصبر والتحمل سبيله.
هذه هى المعانى الحقيقية للانتصار والعبور الذى لم يكن مجرد عبور مانع مائى أو ساتر ترابى أو خط حربى، وإنما كان عبورا لأمة فوق آلامها وجراحها إلى المستقبل.
هذا هو ما نحتاجه الآن لعبور أزمات ومصاعب لا تقارن مع ما واجهته مصر فى سبع سنوات عجاف من يونيو 67 إلى أكتوبر 73.. الإرادة والتضحية والفداء والصبر والأمل هى الأسلحة المطلوبة فى مجابهة ومواجهة الفساد والإهمال والاحتكار والكسل والفشل والإحباط واليأس، وهى الأمراض التى قضى عليها الشعب بعد هزيمة يونيو، فكتب الله له النصر.. إنه العبور الذى نريده للمستقبل فى ذكرى أعظم الانتصارات.