أسبوع ساخن فى العلاقات المصرية السعودية، أعطى فرصة لبعض المرتزقة، سواء فى البلدين أو خارجهما لمحاولة صب مزيد من الزيت، علهم يصلون إلى هدفهم، وهو قطيعة ما بين القوتين الأكبر عربياً.
البداية كانت فى تصويت مصر أمام مجلس الأمن الدولى لصالح القرارين الروسى والفرنسى الخاصين بالأزمة السورية، وجاء التصويت المصرى، استناداً إلى العقيدة المصرية بدعم أى جهد دولى لوقف الاقتتال فى سوريا، وهى عقيدة يعلمها الجميع، وعلى رأسهم الأشقاء فى السعودية، الذين يدركون جيداً التباين فى الرؤى بين القاهرة والرياض حول الملف السورى، وهناك احترام متبادل لرأى ووجهة نظر كل دولة، لكن جاءت تصريحات عبدالله المعلمى، مندوب المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة حول التصويت المصرى، لتعطى ربما إشارة لكارهى العلاقات المصرية السعودية ليلقوا بسهامهم المسمومة تجاه القاهرة، فالمندوب السعودى فى الأمم المتحدة خرج وللمرة الأولى عن الالتزام السعودى باحتواء أى خلاف فى الرؤى مع القاهرة وعدم خروجه للعلن، لكن مندوب المملكة خالف السياسة السعودية، وقال للإعلام «كان من المؤلم أن يكون الموقف السنغالى والماليزى أقرب إلى الموقف التوافقى العربى من موقف المندوب العربى، هذا بطبيعة الحال كان مؤلما، ولكن أعتقد أن السؤال يوجه إلى مندوب مصر».
منذ هذا التصريح ونحن نسمع ونقرأ يومياً أحاديث إعلامية فى المملكة تتعالى على مصر وتتعامل معها بشكل غير مقبول، ولا تقبله المملكة نفسها التى تسير على نهج مؤسسها الملك سعود بن عبدالعزيز الذى كان يؤمن بأهمية مصر ليس للسعودية فقط وإنما للمنطقة العربية عامة، وللأسف الشديد ووسط هذه الهجمة الإعلامية من جانب إعلاميين سعوديين لا يدركون قيمة الدول ولا أهمية أن تكون مصر قوية، لم نرَ موقفا واضحا من الدولة السعودية تجاه من أساءوا لمصر، بشكل أوحى بأن هناك رضى عما يكتب.
ومن واقع متابعتى لردود الأفعال المصرية فإننى أشهد أن تعامل الدولة المصرية مع ما حدث كان فى منتهى الرقى والتحضر، فالدولة لم تنجرف إلى المستنقع الذى أراده هؤلاء المرتزقة، بل إن حوارات واتصالات تمت ما بين القاهرة والرياض، أكدت أن مصر لا تنزلق ولا تسير وراء اهتراءات إعلامية من شخصيات أقل ما يقال عنها إنهم مرتزقة، وفضلت الدولة المصرية العمل فى صمت وعدم التصعيد الإعلامى، بل إن الإعلام المصرى كان أكثر ثباتا من زى قبل فى التعامل مع هذه الإهانات.
إيا كان الموقف فهناك عدة مسلمات نؤمن بها وندركها جميعاً، وأهمها أن مصر لا تنسى أبداً من وقفوا بجانبها، وأن الشعب المصرى لا يبيع أبداً أشقاءه، بل سيظل داعما للعرب مهما أساءوا له، وأننا ندرك جميعاً الدور الذى لعبته السعودية بعد 30 يونيو 2013، والجهد الذى بذله الملك الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ووزير خارجية المملكة الراحل، الأمير سعود الفيصل، وهو أمر لم يكن مستغرباً من أشقائنا السعوديين، خاصة الجيل الذى بنى قواعد راسخة لكيف تكون العلاقة بين مصر والسعودية، وهى القواعد التى أعتقد أنها مازالت موجودة حتى الآن ولم يتم تجاهلها لصالح رؤى سياسية ضيقة.
وبناء على هذه المسلمة التى تعتبر عقيدة ثابتة لدى المصريين، فليس متصوراً أن ينجح لوبى المرتزقة فى إحداث الوقيعة بين البلدين، حتى وإن اعتمدوا على تصريحات لمسؤولين سياسيين لا يدركون قيمة الدولتين.
وكلى يقين بأن الدولة السعودية بكل ما تملكه من فهم وإدراك لمحاولات هؤلاء المرتزقة ومن يمولونهم ومن يصبون الزيت، ستتخذ إجراءات ضد من أساءوا لمصر، ولن تترك الأمور تتطور إلى ما لا يحمد عقباه، لأن الرياض بدون القاهرة ستعانى كثيراً، كما أن مصر بدون السعودية ينقصها الكثير.