لماذا خالف البابا تعاليم أستاذه؟
لا يوجد مبرر واحد يجعلنى أقتنع بأن يقوم البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بزيارة القدس المحتلة حتى ولو للصلاة على مطرانها، مخالفًا الموقف العظيم للبابا شنودة والبابا كيرلس، وكلاهما رفض زيارة القدس منذ 1967، ويعد مخالفًا لقرار المجمع المقدس فى جلسته بتاريخ 26 مارس 1980، التى منع فيها المجمع سفر المسيحيين للحج فى الأراضى المقدسة التزامًا بمقاطعة قطاعات واسعة من الشعب المصرى زيارة فلسطين عقب اتفاقية كامب ديفيد، وفى أعقاب رفض البابا شنودة الراحل السفر إلى جوار الرئيس السادات فى نهاية السبعينيات، الأمر الذى كان بداية الخلاف بين البابا والرئيس الذى انتهى بإبعاد البابا إلى دير وادى النطرون فى سبتمبر 1971، كما أن البابا كيرلس السادس الذى سبق البابا شنودة كان له موقف مماثل، حيث رفض زيارة القدس عام 1967 بعد وقوعها فى يد الاحتلال الإسرائيلى.
ولكن فوجئنا جميعًا بالخبر والبيان الذى أصدرته الكنيسه الذى انفردت به الزميلة سارة علام، والذى أفاد بأن البابا تواضروس تتلمذ على يد الأنبا إبراهام، المطران الراحل فى دير الأنبا بيشوى، حيث كان أقدم منه فى الرهبنة وتربطه به علاقة محبة قديمة، وأشار المصدر إلى أن البابا أراد تكريم المطران الراحل، وقرر السفر للصلاة عليه فى هذا الظرف الاستثنائى دون أن يعنى ذلك موافقة البابا على السفر إلى القدس فى الظروف العادية، انتهى كلام المصدر والبيان، والحقيقه أن البابا تواضروس لم يخالف أو يكسر قرارات الباباوات العظام للكنيسة فقط، ولكن خالف كلامه أيضًا، الذى قاله فى بداية توليه المنصب الباباوى، وكان للبابا شنودة، رحمه الله، مواقف عظيمة عندما ظل رافضا الضغوط السياسية عليه حتى وفاته، وهو الموقف الذى كان سببا رئيسيا فى زيادة شعبية وحب المسلمين فى مصر والعالم العربى لشخصية البابا شنودة، وهو الحب الذى ظهر بعد وفاته حيث بكاه الجميع.
وعندما خلفه البابا تواضروس فى قيادة الكنيسة، شعر الجميع بارتياح عندما أكد أكثر من مرة رفضه زيارة القدس إلا مع إخوانه المسلمين، وهو الموقف الذى ورثه البابا تواضروس من سلفه، حيث جدد البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريريك الكرازة المرقسية رفض الكنيسة، لزيارة الأقباط إلى القدس، مؤكدًا عدم تغيير قرارها وهو الموقف الذى جعل هذا البابا يدخل قلوب المسلمين قبل الأقباط ولكن وبعد مرور 3 سنوات فوجئنا بالقرار البابوى بزيارة القدس، بحجة الصلاة على الأنبا إبراهام المطران، الذى كان أستاذ البابا، والحقيقة أن المنطق يرفض هذه الزيارة التى اعتبرها بمثابة تشجيع للإخوة الأقباط لزيارة القدس والتطبيع مع العدو الصهيونى الذى حول القدس إلى مدينة يهودية كاملة لم يتبق فيها إلا المسجد الأقصى وبعض الكنائس التابعة لمصر وإثيوبيا وحتى لو كان الهدف رعويا ودينيا وليس سياسيا فإننا نرفض هذه الزيارة التى أصبحت تشبه زيارة العار للقدس والتى قام بها السادات.
رحم الله البابا شنودة والبابا كيرس، فلو كانا موجودين لرفضا الزيارة حتى لو كان الميت أستاذهما، فالمواقف القومية لا تكسرها أمور قد تبدو عادية لأنه لا يمكن القبول بأن الزيارة رعوية فقط، ولقد أكد لى عدد من المفكرين الأقباط رفضهم للزيارة، لأن هذا يفتح باب الاجتهاد فى مثل هذه الزيارات، وأخيرًا هل يعلم البابا تواضروس أن الأنبا المتوفى إبراهام من أشد المتعصبين الرافضين لأى زيارة من المصريين والعرب للقدس، مؤكدا أنها نوع من التطبيع مع الكيان الصهيونى، فلماذا خالف البابا تواضروس تعاليم أستاذه الذى لو كان حيا لمنع البابا من دخول القدس المحتلة.. وللحديث بقية.