هناك مجهود ملموس يقوم به وزير الثقافة الصديق، حلمى النمنم، منذ توليه مهام الوزارة منذ 4 شهور فى ترتيب أمور الوزارة الداخلية، ووضع الأشخاص والكفاءات المناسبة فى مكانها المناسب، التى تستطيع من خلاله بذل الجهد والإنجاز والإبداع، كما أن النشاط الذى يقوم به وزير الثقافة فى حضور كل الأنشطة الفنية والفعاليات الثقافية وإسهامه فيها كمثقف وباحث ودارس حقيقى للتاريخ السياسى والاجتماعى والثقافى فى مصر قبل أن يكون وزير فى الحكومة، يشهد به الجميع ويلاقى استحسانا منهم، فوزير الثقافة يشارك فى ندوات ثقافية ومناقشات الإصدارات الجديدة كواحد من النخبة الثقافية والجماعة الأدبية، ومؤخرا حضرت له مشاركة فعالة لمناقشة كتاب الكاتب اللبنانى كريم مروة عن الرواد اللبنانيين فى مصر فى السياسة والفن والأدب، بصورة تؤكد أنه وزير جاء من بين جماعتهو ولم ينعزل عنهم أو يتعالى عليهم لمجرد تنصيبه وزيرا.
ربما 4 شهور غير كافية لإصلاح أمور كثيرة فى الوزارة وفى القطاع الثقافى برمته، وهو قطاع مترهل وأصابه كثيرا من العطن الذى أصاب كثيرا من مؤسسات الدولة فى الـ40 عاما الماضية، لكن أظن أن هناك مسؤولية على الوزير بعد مرور أكثر من 4 شهور، وهى الإعلان عن المشروع الثقافى له والوزارة فى الفترة المقبلة، ووضع الاستراتيجية الواضحة لركائز الثقافة المصرية على المدى القصير والمدى البعيد، فعملية التنمية فى مصر لن تحدث فقط بالمشاريع القومية الكبرى فى غياب مشروع ثقافى محدد وواضح.
ومنذ اليوم الأول لتولى الوزارة دعوت الصديق حلمى النمنم إلى المسارعة لإعلان برنامجه فى النهوض بأحوال الثقافة فى مصر، لأن البداية الحقيقية فى النهضة تبدأ من العقل والوعى والوجدان السليم غير المشوه والمرتبك والضائع، والآن أطالبه بالإعلان عن هذا البرنامج فى مشروع النهوض بكل قطاعات الثقافة أو على الأقل فى إعادة الحياة مرة أخرى إلى بيوت وقصور الثقافة والثقافة الجماهيرية فى مصر التى كان لها دور وإسهام حقيقى وبارز فى مد الثقافة المصرية بمواهب كثيرة فى مجالات عديدة، وجذبت ملايين الشباب فى القرى والنجوع والمدن لتفريغ طاقاتهم الإبداعية فيها، وكانت سندا حقيقيا لمشروع النهضة فى مصر فى الخمسينيات والستينيات، وربما حتى منتصف السبعينيات، قبل أن تتحول الدولة عن مشروعها فى التنمية والاستقلال الوطنى بكل معانيه، هذه القصور التى يتجاوز عددها أكثر من 500 بيت وقصر هجرها الشباب، وتوقفت الفرق المسرحية والأدبية وتحولت إلى خرابات للأسف، وأهدرت ملايين الأموال بعد أن أغلقت أبوابها.
وأظن أن وزير الثقافة يعلم ذلك، لأنه ابن هذه القصور الثقافية فى زمانها المشرق، وتربى ثقافيا داخل جدرانها، وأظن أنه سيحزن كثيرا عندما يتحول فى عدد منها فى بعض القرى والمدن البعيدة عن القاهرة. الأحوال لن تسره بالتأكيد، وأعتقد أنه سيسارع لإعلان مشروع عاجل وفورى للنهوض بهذه المراكز الثقافية لتعود إلى سابق عهدها، لإفراز الموهوبين والمبدعين، وفى رأيى أن المخصصات المالية الحالية لقصور الثقافة والثقافة الجماهيرية لن تعيقه عن تنفيذ أول مشروعاته الثقافية الحقيقية، فهناك فى ميزانية الوزارة حوالى 580 مليون جنيه مخصصة خلال العام المالى الحالى لهذا القطاع، بالتالى ليست هناك مشكلة على الأقل الآن فى إعادة بناء وترميم الأبنية وتدريجيا تعود إليها أنوارها الثقافية.
وأقول أخيرا كلمة الصديق حلمى النمنم، لو استطعت تحقيق هذا المشروع فى الفترة القليلة القادمة، فسوف يحسب لك ويرتبط باسمك سواء كنت فى الوزارة أو خارجها، فكثيرا من الإنجازات فى مصر ما زالت مرتبطة بأسماء أصحابها رغم مرور عشرات ومئات السنين.