صدقت توقعاتى، وتحققت مخاوفى من أداء البرلمان الجديد، وأن (برومو) المجلس قبل العرض الرسمى لجلساته، مؤشر بارز وقوى عما سيحدث مع بدء الجلسات رسميًا.
توقعت فى مقال كتبته يوم الجمعة الموافق 27 نوفمبر الماضى، أى منذ ما يقرب من 12 يومًا، تحت عنوان (أشم رائحة عصام العريان تحت قبة البرلمان الجديد!!) حذرت فيه عن البداية غير المطمئنة لأداء عدد من النواب المعروفين بالاسم، وبمجرد إعلان نتيجة الانتخابات بفوزهم بعضوية مجلس النواب، دشنوا خطابا متعاليا ومتعجرفا ومتحفزا، ويحمل صياغات التهديد والوعيد للجميع، شعبا وحكومة ونظاما، وافتعال الأزمات من باب (فرد العضلات) وإظهار العين الحمرا المبكرة.
وانطلاقا من الإفيه الشهير الذى دشنه الفنان الكوميدى الراحل الكبير عبد المنعم مدبولى (أنا مش قصير أوزعة.. أنا طويل وأهبل) فى فيلم (مطاردة غرامية)، ظهر بعض النواب من الذين ثار حولهم لغط كبير قبل سباق الانتخابات بأنهم أتباع النظام، بمحاولة إثبات أنهم نواب (جامدين) وذلك أمام كاميرات وسائل الإعلام المختلفة، وهو ما أسقطهم فى فخ الخطاب المكروه فى الشارع. ذلك الخطاب الذى دفع ثمنه النشطاء وأدعياء الثورية عقب نجاح ثورة 25 يناير فى الإطاحة بنظام مبارك، وحتى وصول جماعة الإخوان الإرهابية للحكم، حيث تسلمت الراية، واستخدمت نفس الخطاب المتعالى والمتعجرف والذى يحمل سلسلة عبارات التهديد والوعيد، بالويل والثبور وعظائم الأمور، وهو ما لم يتحمله الشعب المصرى بكل طوائفه وثقافاته، وخرج فى ثورة عارمة، وأقصاهم من الحكم.
رأينا عصام العريان تحديدًا، يتحدث بخشونة وعنف، وتحمل عباراته كل أنواع التهديد والوعيد، واتهام معارضيه بالخونة والمتآمرين، ملوحًا بوضوح بالانتقام منهم، والزج بهم خلف السجون، وأنهم مفسدون، وأتباع نظام مبارك الفلولى، ومن لا يعجبه سياسة جماعته الإرهابية، عليه الرحيل ومغادرة البلاد فورا.
نفس تلك اللغة ترددت خلال الساعات الماضية وبصوت أعلى، وتهديدات طالت رأس الدولة، على لسان عدد وفير من أعضاء البرلمان من خلال تصريحاتهم التى أدلوا بها أمام كاميرات برامج التوك شو بالقنوات الفضائية المختلفة. رأيت تحولا استراتيجيا للأعضاء الفائزين ويمثلون أحزابا وكتلا مختلفة فى لغة الخطاب، من المحسوبين والمتهمين بتأييد النظام الحالى، على طريقة (حب الدببة) وهنا مكمن الخطر الداهم والحقيقى.
يا سادة، (حب الدببة) قاتل، مميت، وإذا كُنتُم تحبون النظام (حب الموت) فكراهيتكم له إنقاذ لحياته، وفرض عين، فما الفائدة أن تحبه لتقتله؟
لجوء نواب (حب الدببة) لتبنى لغة خطاب متعالٍ، ومتعجرف، وخشن، سيعجل سريعًا بانقلاب الشارع ضدهم، وأولهم أهالى دوائرهم الذين انتخبوهم من أجل الدفاع عن الدولة الوطنية، والإسهام فى دفع عجلة التنمية، والتأكيد على بث الأمن والأمان والطمأنينة فى نفوس الناس، بعد نزيف نفسى استمر 4 سنوات كاملة، وأن أى انتكاسة للنظام الحالى، أول من سيسدد فاتورة باهظة التكلفة، أنتم، وسينكل بكم أيما تنكيل من الجماعات المتطرفة. لغة الخطاب المتعالى والمتعجرف والشتام مُنفرة، وأضراره جسيمة، وإذا كنا قد ذكرناكم بخطاب جماعة الإخوان الإرهابية، الذى أدى إلى خروج الشعب المصرى بكل طوائفه فى ثورة عارمة 30 يونيو، ومن قبلهم خطاب النشطاء وأدعياء الثورية الذى اصطدم بالمؤسسات الحاكمة وفى القلب منها القوات المسلحة والشرطة والقضاء، ودفعوا الثمن غاليا، فإننا ومبكرا نحذركم من تبنى نفس الخطاب، وكأنكم لم تتعلموا من أخطاء وخطايا سابقيكم، فأين عصام سلطان والكتاتنى والبلتاجى ومصطفى النجار وعمرو حمزاوى، وغيرهم؟ أشم أيضًا رائحة مصالح حزبية ضيقة للغاية، تتصادم وتتقاطع مع المصلحة العليا للوطن، وأن الدولة، والنخب، وقطاع من الشعب المصرى، كان ينتظر استكمال خريطة الطريق من خلال الانتهاء من الاستحقاق الثالث بانتخاب مجلس نواب.
ولن أكون متجاوزا، على الإطلاق، عندما أؤكد أن البرلمان الجديد سيكون محط أنظار، ومراقبة شديدة من رجل الشارع العادى قبل المثقف، بجانب مراقبة أداء من الخارج، سواء الدول المتربصة كتركيا وقطر والولايات المتحدة الأمريكية، أو المنظمات المشبوهة التى تسعى جاهدة لتوظيف أى سقطة مهما كان صغر حجمها لتحولها إلى إعصار يتجاوز قوته وسرعته (تسونامى).
كتلة نواب حب الدببة، بهجومهم، وتبنيهم خطابا شتاما ويحمل عبارات التهديد والوعيد، خطورتها تتجاوز خطورة جماعة الإخوان الإرهابية، وأتباعها، والمتعاطفين معها، ومحمد البرادعى وعلاء الأسوانى، وعبد المنعم أبو الفتوح، على الوضع المستقر فى البلاد حاليًا.
الأمر خطير، وكل الشواهد والتخوفات من أداء النواب تحققت على الأرض من خلال (البرومو) الشارح المانع القاطع لأداء البرلمانيين تحت القبة مع بدء انطلاق جلسات المجلس، وأن الخطاب يحمل كثيرًا من القنابل والألغام القابلة للانفجار فى أية لحظة.