أؤكد أن الأيام القليلة القادمة سوف تكشف عن قضية فساد ضخمة، سوف يكون أبطالها رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور أحمد نظيف، والدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق، وعدد غير قليل من رموز هيئة التأمينات الاجتماعية فى عهد مبارك.
فعلى الرغم من تناول وسائل الإعلام منذ اندلاع ثورة يناير وحتى اليوم لكثير من التقارير التى أشارت إلى إقدام الحكومة فى عهد مبارك، على تبديد أموال التأمينات الاجتماعية، وضمها إلى وزارة المالية التى تصرفت فيها بسفه، إلا أن الأمر تعدى حيز التقارير الإعلامية، حيث كشفت تقارير سيادية خلال الأيام القليلة الماضية، عن وجود مديونية مستحقة على وزارة المالية لصالح صندوقى التأمين الاجتماعى، نتيجة المبالغ التى حصلت عليها الوزارة من أموال التأمينات والمعاشات فى تولى غالى للوزارة، وصلت إلى نحو(455,5 مليار و500 مليون جنيه) تمثل نحو 93,6% من أموال التأمينات.
وأشارت التقرير، إلى أنه كان يتعين على وزارة المالية عدم التعدى على هذه الأموال أو الأرباح المترتبة عليها، خلال فترة دمج وزارة المالية والهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، والإشراف على صندوقى (صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص)، و(صندوق العاملين بالقطاع الحكومى)، اللذان كانا يديرهما وزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى آنذاك، خاصة وأن الغرض من نقل تبعية الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بصندوقيها من وزارة التأمينات والشؤون الاجتماعية إلى وزارة المالية، بالقرار الجمهورى رقم (42/2009) لم يكن سوى للإشراف على أموال هذه الصناديق من قبل وزير المالية، إلا أن "غالى" تصرف فيها على هواه دون رقيب، وأنه تم إحاطة رئيس مجلس الوزراء فى ذلك الوقت بالأمر لاتخاذ اللازم والحفاظ على تلك الأموال، إلّا أنه لم يتحرك.
وأكدت التقارير أن كلا من نظيف وغالى قد تعاقدا بالأمر المباشر مع شركة (يوز اند كمبانى) فى أكتوبر 2009 لعمل هيكل إدارى ووظيفى لصندوق (الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى) بمبلغ (1,350,000) دولار أمريكى، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات.. كما تعاقدا بالأمر المباشر مع شركة (آى فايبتس) بشروط مجحفة سددا بمقتضاها 100% كدفعة مقدمة بالمخالفة للقانون، والاعتماد على الشركة المذكورة فى تنفيذ أعمال تزيد عن 31 مليون جنيه تحملتها موازنة (صندوق التأمين الاجتماعى للعاملين بالقطاع الحكومى) رغم عدم وجود ضرورة للإسناد بالأمر المباشر، ومخالفة قانون المناقصات والمزايدات رقم 89/98، وتحديدا المادة 7 من القانون التى أجازت التعاقد بالأمر المباشر فى الحالات العاجلة، وأن التعاقد مع الشركتين بالأمر المباشر فى ذات الفترة، تم ودون توافر حالة ملحة وضرورية للجوء لذلك.
وأن بطرس غالى، قام بصرف مكافآت وبدلات لبعض العاملين بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، و(صندوق العاملين بقطاع الأعمال العام والخاص) و(صندوق العاملين بالقطاع الحكومى) ومساعدى ومستشارى وزير المالية، وبعض أعضاء مجلس إدارة الهيئة، تصل إلى نحو (مليار جنيه) خلال عامى 2010 /2011، وتحميل الصندوقين للضرائب المستحقة عليها.
وأنه قام أيضا بتشكيل 13 لجنة بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، ضم إليها بصفة متكررة أسماء مساعديه ومستشاريه، مما ترتب عليه صرف مبالغ بلغت 760641 جنيه بدون وجه حق.. كما وافق أيضا على صرف مبلغ (860502) جنيه مكافآت وبدلات حضور جلسات مجلس إدارة الهيئة برئاسته عن الأعوام من 2009 وحتى يناير 2011، بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء رقم 2226 لسنة 1994.
ووفقا للتقرير الذى رصد مئات الآلاف من الجنيهات التى تم رصدها للمقربين من العاملين بوزارة المالية والهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية كمكافآت من أموال الصندوقين، رصد التقرير أيضًا موافقة يوسف بطرس غالى على صرف مكافآت وصلت إلى نحو(185946,31) جنيه لبعض العاملين بالإدارات عن موازنة الصندوق عن عام 2011/2012.. إلى جانب صرف (20 مليون جنيه) من حساب الأجور بموازنة الصندوق، لتمويل الحساب الخاص بالرعاية الاجتماعية للعاملين بالصندوق بالمخالفة للقانون.
كما أكد التقرير، أن النيابة الإدارية بدأت بالفعل فى التحقيق فى وقائع صرف مكافآت وبدلات بصندوق العاملين بالقطاع الحكومى وصلت إلى (217 مليون جنيه) لبيان حدود المسؤولية التأديبية لرئيس صندوق العاملين والقطاع الحكومى بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى الأسبق، عن صرفها.
أؤكد أن أمر تعدى التقارير الإعلامية، وأن الأيام المقبلة سوف تسفر عن مفاجآت، وستؤدى بعدد غير قليل من المسؤولين إلى محكمة الجنايات من جديد.. إلا ان السؤال الذى يطرح نفسه، هل سيؤدى الكشف عن تلك الفضيحة إلى إعادة أموال التأمينات المنهوبة؟.. أم سيظل أصحاب تلك الاموال من كبار السن الذين منحوا البلاد أفضل سنوات العمر ضحية لفشل حكومات مصر المتعاقبة منذ عهد مبارك؟