يبدو لى أن قرار المملكة السعودية حرق كتب الإخوان، بعد سحبها من مكتبات المدارس والمساجد والمكتبات العامة، موقف إيجابى ويقظة ربما جاءت متأخرة جدا، لكن حدوثها أفضل بكثير من عدمه، القرار جاء من وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية، وتم تعميمه بسحب 80 كتابًا من مكتبات ومراكز مصادر التعلم فى المدارس، لعددٍ من الشخصيات التى تنتمى لجماعة الإخوان المسلمين، وأبرزهم سيد قطب وحسن البنا ويوسف القرضاوى، ونص قرار وزارة «التعليم» على ضرورة سرعة تسليم تلك الكتب إلى مكاتب التعليم بعناوينها ونسخها فى موعد أقصاه أسبوعين، لمن لم تصل إليه لجنة الجرد والتفتيش التابعة للوزارة مع ضرورة عدم قبول إهداءات كتب أو مطبوعات سوى الواردة من الوزارة.
وتضمَّن القرار أسماء الكتب المراد سحبها، ومن بينها كتاب «الله فى العقيدة الإسلامية»، و«الوصايا العشر» لحسن البنا، وكتاب «الحلال والحرام» ليوسف القرضاوى، وكتاب «شبهات حول الإسلام» لسيد قطب.
كما شمل العديد من مؤلفات أبو الأعلى المودودى، ومالك بن نبى، وعبد القادر عودة، ومصطفى السباعى، وأنور الجندى، وحسن الترابى وغيرها، الغريب أن بعض هذه الكتب مطبوع فى مطابع الأزهر ومهدى إلى السعودية فى سنوات غابرة.
إذن نحن أمام موقف واضح من السعودية ضد الجماعة الإرهابية التى وصفها الملك الراحل العظيم عبدالله بأنها جماعة الشر، وأنها أدخلت مصر والمنطقة فى نفق مظلم، وأن المصريين فى 30 يونيو لم يحرروا مصر من الإخوان، بل حرروا المنطقة بأكملها، طيب لماذا لم يتخذ هذا الموقف من قبل، الإجابة عند المملكة، لكن الملاحظ فى الآونة الأخيرة أن نبرة تهديد الإخوان للمملكة تصاعدت بصورة غير مسبوقة، كما أن التنظيم الدولى للجماعة التقى الأسبوع الماضى بشخصيات إيرانية كبيرة، وهو ما اعتبرته المملكة تنسيقا كاملا مع عدوتها التاريخية، وربما جاء موقف حرق الكتب رد فعل نتمنى أن تتبعه خطوات أخرى أهم وأخطر، ومنها غلق مصادر التمويل الإخوانى التى تمد شرايين الحياة من الإخوان المقيمين بالمملكة، وتتمثل فى مليارات عابرة عبر عمليات بنكية معقدة، وفى الأخير تصب فى خزائن الإخوان وحساباتهم السرية فى سويسرا وجزر البهاما وموناكو وغيرها من مؤسسات الأوف شور، التى تحتاج لجهد جهيد لتعقبها ورصدها، وهو ما استشعرت خطره دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت ثانى بلد عربى بعد السعودية يخرج منها أموال الإخوان لذويهم بالخارج، فقامت الإمارات بحصر شركاتهم ومكاتبهم وتتبعت الأموال الخارجة للتنظيم، وقدمتهم للمحاكمة، وكانت ضربة معلم إماراتية جعلت إخوان مصر فى عهد مرسى يترنحون ويهاجمون الإمارات بشراسة، والنتيجة أنهم فقدوا ذراعا خطيرة، وأصبحت الإمارات الآن خالية من أى نشاط إخوانى، إذن تبقى خطوة ضرب جسور المال الإخوانى من السعودية للتنظيم الأهم والأكثر إلحاحا الآن، لأن المملكة تأتى فى مقدمة الدول التى يمارس فيها الإخوان نشاطهم التجارى، باعتبارهم أكبر جالية مصرية إخوانية على مستوى العالم.
وحسب ما ذكره الصحفى الأمريكى روجرز فان أن الإخوان المصريين بالسعودية أرسلوا ملايين الدولارات إلى بنك التقوى وبنوك إمارة ليختنشتاين الواقعة ضمن قارة أوروبا، لكن ليس عليها رقابة مالية دولية ومشهورة بنشاط غسيل الأموال، وقال: إن العامين الماضيين تم ضخ ما لا يقل عن عشرة مليارات من الدولارات من السعودية وقطر والإمارات والسودان للإمارة بهدف استثمارها فى أنشطة غير شرعية مثل المخدرات، وبالتالى تزداد ثروات الإخوان كل يوم، ويمتلكون مالا تمتلكه ميزانيات معظم الدول العربية مجتمعة، هل بعد كل هذا نتوقع خطوة تالية من الأشقاء فى الرياض ضد نشاط الجماعة المالى الحرام، أم ستصبح خطوة حرق كتبهم مجرد قفزة فى الهواء؟