السبت، 23 نوفمبر 2024 02:39 ص
يوسف أيوب

يوسف أيوب

هل تتعظ تركيا؟

12/11/2015 1:13:48 PM
هل تتعظ تركيا؟.. أزمة كبيرة تواجهها تركيا، فبعد تورطها فى إسقاط الطائرة العسكرية الروسية داخل الأجواء السورية، وتصميم موسكو على معاقبة أنقرة، دخلت الحكومة العراقية على خط المواجهة مع تركيا بعدما طالبت بسحب القوات التركية من شمال العراق، ووسط كل ذلك ازداد الخناق حول تركيا بتوثيق التعاون الثلاثى بين مصر واليونان وقبرص، والذى شهد الأربعاء الماضى فى العاصمة اليونانية أثينا صدور إعلان يبدو أنه سيقلق الأتراك كثيرًا، خاصة بعد تأكيد قادة الدول الثلاث على أهمية تعزيز التعاون الثلاثى فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية، والبناء على ما يجمع بين مصر واليونان وقبرص من قيم مشتركة، من أجل إرساء دعائم الأمن والاستقرار والسلام، ودفع عملية التنمية فى منطقة شرق المتوسط.

قلق الأتراك منبعه أن أنقرة ترى أن الدائرة تضيق من حولها، فهم يعيشون وسط أقليم بدأ يتحالف مع بعضه، فى حين أن أنقرة تبقى وحيدة فى انتظار رحمة حلف الناتو، والرعاية الأمريكية التى تحاول أن تحمى أنقرة من روسيا والدول الغاضبة من التجاوزات التركية، لكن تركيا يبدو أنها لم تتعظ من خبرات الماضى، فهى اختارت أن ترتمى فى الناتو والغرب للاستقواء على جيرانها، رغم أن الناتو لم يستطع أن يحمى أعضاءه، كما أن كل حلفاء الغرب فى المنطقة أصبحوا فى عداد الماضى الآن.

كيف ستتعامل مصر واليونان وقبرص مع التجاوزات التركية؟.. الرئيس عبدالفتاح السيسى كان واضحًا حينما أكد فى أثينا ضرورة استمرار التعاون بين الدول الثلاث فى محاربة الإرهاب، ووقف مصادر تمويله، مشيرًا إلى دعم مصر إعادة وحدة شطرى جزيرة قبرص المقسمة بين تركيا واليونان، وهو الوضع الذى تحاول تركيا ترسيخه.

وقال «السيسى»: «أعربت خلال الاجتماع عن استمرار دعم مصر لجهود التوصل لحل عادل للقضية القبرصية، بما يضمن إعادة توحيد شطرى الجزيرة، ومراعاة حقوق جميع القبارصة وفق قرارات الأمم المتحدة ومقررات الشرعية الدولية ذات الصلة»، كما أكد الزعماء الثلاثة، السيسى، ورئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس، ورئيس قبرص نيكوس أنستاسيادس، على مواصلة التعاون المشترك لدعم التنمية، ومواجهة تحديات الإرهاب والهجرة غير الشرعية، مشددين على ضرورة مواجهة الإرهاب عن طريق محاربة الأفكار المتطرفة، وتصحيح المفاهيم الدينية، ودعم البرامج التنموية.

هذا جزء من الآلية التى يمكن من خلالها للدول الثلاث مواجهة التجاوزات التركية التى لا تقف عند حد إشعال التوتر فى قبرص، بل إنها تحاول تصدير الإرهاب فى المنطقة، بما يساعد على إحداث الفوضى فى دول المنطقة، وهو ما استشعر خطورته قادة الدول الثلاث، كما أنهم حينما تحدثوا فى إعلان إثينا عن أزمة تدفق المهاجرين، وضرورة التعامل معها من منظور شامل، من خلال التوصل إلى أفق سياسى لتسوية الأزمات الإقليمية، والقضاء على الفقر، ودفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى المنطقة، ومواجهة أنشطة التهريب، فضلاً على معالجة الوضع الإنسانى لأزمة اللاجئين بالتعاون مع الدول المعنية، فإن الدول الثلاث أرادت أن تلفت انتباه الاتحاد الأوروبى إلى خطأ الاعتماد على تركيا وحدها باعتبارها الدولة التى يمكن أن تسهم فى وقف موجات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، فتركيا استغلت أحداث سوريا لكى تقنع أوروبا بأهمية التعاون معها فى وقف الهجرة غير الشرعية، فى محاولة تركية لمغازلة الأوروبيين ليوافقوا على انضمام أنقرة إلى عضوية الاتحاد الأوروبى، لكن إعلان أثينا حاول بطريقة غير مباشرة تنبيه الأوروبيين إلى المغالطة التركية، فتركيا لن تكون أبدًا جزءًا من حل أزمة تدفق المهاجرين غير الشرعيين، لأنها جزء أساسى من المشكلة، بعدما تحولت الأراضى التركية إلى نقطة انطلاق لمن يريد أن يهاجر لأوروبا مقابل دفع أموال لعصابات ترتبط أساسًا بأجهزة أمنية تركية، وهو ما كشفت عنه وسائل إعلام غربية رصدت مافيا الهجرة غير الشرعية فى تركيا، وكيف أن هذه المافيا تعد تجارة مربحة جدًا، ويشارك فيها قيادات كبيرة فى الدولة.

print