تكتسب جلسات الاستماع داخل المجالس التشريعية أهمية في مناقشة بعض القضايا المهمة أو الموضوعات شديدة الأهمية والحساسية. كما أنها تقدم رؤى لخبرات متابعة ومتخصصة في الشأن محل النقاش. وعلى الرغم من أن جلسات الاستماع، لا يترتب عليها بالضرورة أي تشريعيات وغير ملزمة لصانع القرار، إلا أنها تتيح فرصة لإشراك أفراد من المجتمع وليس من النخبة التشريعية فقط في المناقشة والتفاعل مع القضايا محل الاهتمام، لاسيما إذا كانوا أصحاب مصلحة.
وعادة ما تتم جلسات الاستماع داخل اللجان النوعية في المجالس التشريعية والتي تمثل المطبخ الفعلي في البرلمان. ولمصر خبرة في هذا المجال، ففي عام 2005 نظمت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب جلسة استماع لبحث خطوات تعديل المادة 76 من دستور 1971 والتي أثير جدل كبير بشأنها آنذاك، وقد تم عقد 3 جلسات استماع للتعرف علي مختلف الآراء قبل الشروع في إعداد نص التعديل، وشارك فيها مجموعة من الخبراء والمتخصصين في القانون الدستوري، إضافة إلى ممثلين من الأحزاب السياسية. وهكذا، فهذا النوع من الجلسات يثرى النقاش ويمهد لما يعرف بالديمقراطية التوافية لاسيما في ظل الحديث عن مثالب الديمقراطية التمثيلية.
ولنتذكر أن في عام 2006 عقدت لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب جلسات استماع بحضور ممثلين عن المجلس القومي لحقوق الإنسان، وعدد من ممثلي منظمات المجتمع المدني المعنية بمجال حقوق الإنسان، لسماع شهاداتهم حول المعالجة الأمنية للمظاهرات التي صاحبت محاكمة المستشارين أحمد مكي وهشام البسطويسي في مايو 2006.
وتنبع أهمية ذلك، في جعل مجلس النواب المؤكد انعقاده في الأول من يناير 2016 معبرًا عن جموع فئات الشعب، كما يمثل فرصة لتنظيم بيئة العمل السياسي التي تشهد حالة من السيولة منذ عام 2011، ولعل ذلك برز بشكل واضح خلال مجلس الشعب السابق، فصاحب انعقاده العديد من التظاهرات التي قادها مجموعة من القوى السياسية والشباب، وذلك لرفضهم سيطرة تيار بعينه على السلطة التشريعية، لشعور تلك القوى بأنها غير مشاركة في عملية صنع القرار.
وجلسات الاستماع تتمثل أهمية لهذا المجلس، في ضوء غياب أغلبية متماسكة. وعلى الرغم من الحديث عن تشكيل ائتلاف يضم الأغلبية تحت مسمى ائتلاف دعم مصر، إلا أن هذا الائتلاف واجه حملات شوهت من صورته من قبل بعض الأحزاب، واتهمته الأحزاب التي انسحبت ثم عادت إليه مرة أخرى بوجود هيمنة من قبل القائمين عليه، فضلاً عن خلوه من إطار فكري أو أجندة تشريعية. فمن المتوقع أن تزداد نبرة الهجوم في المستقبل، ومن ثم إشراك المواطنين في جلسات الاستماع يقطع الطريق على أية تشويه متعمد للبرلمان.
وقد اعتبر دستور 2014 جلسات الاستماع إحدى الآليات التي توفر للمواطنين ممارسة حقهم في المشاركة المجتمعية، فنص الدستور في مادته 138 أن "لكل مواطن أن يتقدم بمقترحاته المكتوبة إلى مجلس النواب بشأن المسائل العامة، وله أن يقدم إلى المجلس شكاوى يحيلها إلى الوزراء المختصين، وعليهم أن يقدموا الإيضاحات الخاصة بها إذا طلب المجلس ذلك، ويحاط صاحب الشأن بنتيجتها". ووفق الدستور فالمواطنون جزءًا حقيقيًا في عملية القرار.
وفي هذا السياق، يجب التنويه إلى أن جلسات الاستماع ليست فقط تهدف إلى إعلام المواطنين بالقرارات التي تتخذها أو اتخذتها الحكومة بالفعل، فهذا النوع من الجلسات على الرغم من أهميته في تحقيق الشفافية والتواصل المباشر بين الحكومة والمواطنين، إلا أنه لن يكون له مردود كبير، بينما مشاركة الخبراء وأصحاب المصلحة تكسب الجلسة نوع من الجدية فضلاً عن أنها تُعين النواب في أدئهم الرقابي تجاه الحكومة.
إن نجاح مثل هذه الجلسات في مجلس النواب قد يجعل منها فرصة لتطبيقها في المجالس المحلية، والتي من خلالها يصبح المواطنون سواء أعضاء داخل تلك المجالس أو غير ممثلين فيها، مشاركين في فاعلين في حياتهم السياسية.