ما الفارق بين شاب يهدم وآخر يساهم فى بناء مصر؟.. ليس افتئاتاً على حق أحد، لكن الحقيقة تستدعى القول بأنه ليس هناك متحدث حصرى باسم الشباب إلا الشباب أنفسهم، وأن من يبحث عن نموذج للشاب المصرى الذى يبحث عن البناء والمشاركة فى تنمية بلده فالطريق أمامه سهل لأن قائمة الناجحين والمتميزين طويلة ولا تخطئها العين المحايدة وغير المسيسة، لكن من يحاول أن يعتبر الداعين إلى الهدم والتدمير والخروج عن القانون هم النموذج الأمثل للشباب فعلينا أن نقول لهم عودوا إلى صوابكم يرحكمكم الله بدلاً من أن يلعنكم المصريون.
نموذج النجاح والكفاح أيضاً موجود فى كل بيت، ومن بينهم وقف 16 شابا وفتاة حول الرئيس عبدالفتاح السيسى على مسرح دار الأوبرا المصرية صباح السبت الماضى، حينما كانت مصر تحتفل بيوم الشباب، فالـ16 شابا وفتاة هم الشباب الحق الذين يحتاجون لأن تقف الدولة معهم وخلفهم وأن يكونوا مادة للنقاش الثرى، لأنهم بالفعل مادة ثرية فى حياة قصيرة لكنها مليئة بالتجارب لآلاف المصريين، فهؤلاء كانوا مصدر طاقة إيجابية لمن حضروا احتفال يوم الشباب المصرى أو شاهده.
هؤلاء هم شباب مصر الحقيقيين لا يبحثون عن الشهرة لأنهم اختاروا طريق العمل فى هدوء ليكتمل بناء بلدهم الذى قال إنه لم ولن يبخل عليهم بأى شىء، هم وغيرهم من الشباب الذين يرفعون من شأن وقيمة بلدهم.. الدولة اعتبرتهم مشروعا قوميا، خصصت له حزمة من المبادرات التى تهدف إلى تنمية مهارات وقدرات الشباب المصريين، وحتى لا يكون الحديث ارتجالياً بدأ الرئيس العمل بإعلان عام 2016 هو عام الشباب، لأن السيسى لديه إيمان قوى بقدرة شباب مصر على تحقيق التنمية التى تحتاجها الدولة ويسعى لها هو ومن معه.
الحزمة الرئاسية لدعم الشباب ليست كلاماً فى الهواء، لأنها لأول مرة تأتى مقرونة بصيغة الألزام، فتكليف البنك المركزى باستغلال امكانيات القطاع المصرفى لتنفيذ برنامج شامل ومتكامل لدعم وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال توجيه البنوك والقطاع المصرفى بتعزيز فرص تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للشباب لتصل إلى نسبة لا تقل عن 20% من إجمالى القروض خلال السنوات الأربع القادمة، ليس رفاهية أو طلب محل دراسة أو نقاش، وأنما هو خطة عمل مكتملة على الجهاز المصرفى أن ينفذها، خاصة أن الرئيس أوضح آليات ذلك بقوله إن القطاع المصرفى سيضخ 200 مليار جنيه، بما يساهم فى تقديم فرصة لـ350 ألف شركة يمكن توفر فرص عمل لما يقرب من 4 مليون فرد، كما أن الأمر مرتبط بالتأكيد على ألا يزيد سعر الفائدة على القروض المقدمة للشباب لتمويل المشروعات متناهية الصغر عن 5% سنوياً ومتناقصة.
والأمر نفسه فى وزارة الإسكان والشباب والرياضة والثقافة التى حدد الرئيس مهام كل منهم ودوره فى المبادرات الرئاسية التى تعتبر الشباب فى قمة المشروعات الوطنية والقومية، لذلك كانت الرغبة الأكيدة بأن يكون التأسيس من الصغر، وهنا نأتى إلى أخطر ما قاله الرئيس فى كلمته وهو تشكيله لجنة قومية متخصصة تحت رعاية رئاسة الجمهورية تشمل كل الوزارات المعنية والمجالس التخصصية وكل المؤسسات البحثية الوطنية المتخصصة تعمل على تحديث المناهج التعليمية لجميع المراحل الدراسة، على أن تنتهى هذه اللجنة من عملها خلال 3 شهور، فهذا المشروع هو ما نحتاجه لتطوير التعليم المصرى لأنه البوابة الأولى للمشروع القومى للشباب.
هل تنجح الدولة فى إدماج الشباب؟.. لا يخفى على أحد أن هناك ممارسات حكومية ساهمت فى الماضى فى ابتعاد الشباب عن الدولة، لكنهم أبداً لم يفقدوا الانتماء للوطن، فهم ملوا الوعود لكنهم يبحثون عن الجاد منها، وهنا تكمن أهمية ما تحدث عنه الرئيس حينما قال إنه وجه المجالس التخصصية التابعة لرئاسة الجمهورية بالتعاون مع كل الأجهزة والمؤسسات المعنية بالدولة لإطلاق منتدى للحوار مع الشباب، بحيث يكون نواة فاعلة لقناة اتصال حقيقية بين الدولة والشباب تضمن تبادل الرؤى والتوجهات بشكل حقيقى وواقعى، على أن يكون ناتج هذا الحوار هو بلورة لصيغة متكاملة لرؤية مشتركة بين الدولة والشباب يتم مناقشتها فى مؤتمر وطنى للشباب يعقد بمدينة شرم الشيخ خلال شهر سبتمبر المقبل.
المؤتمر الوطنى للشباب هو خطوة فى الطريق الصحيح من جانب الدولة تجاه الشباب، بل أنها الطريق الصحيح ذاته، فهى ستقضى على سماسرة الحديث باسم شباب مصر، وتفتح الطريق المباشر بين الشباب والدولة فى حوار سينتج الكثير من الأفكار والمبادرات الإيجابية والهادفة إلى تنمية مصر الوطن.