مدينة غارقة قى الفوضى، الإشغالات تأكل الأرصفة والشوارع، زحام 24 ساعة يوميا، التوك توك يسيطر بلا ضوابط. إهمال تام لكل الخدمات تراكم للقمامة والصرف فى مناطق مختلفة، هذا غالبا هو الشكل الأمثل لحالة عشرات المدن والأحياء بالمحافظات.
ويفرض الواقع نفسه ليستسلم الناس ويفقدون الأمل فى أن يتحرك المسؤول المحلى. غير المتوقع أن يصحو أهل المدينة ليجدوا أغلب مظاهر هذه الفوضى اختفت، لا اختناقات مرورية، ولا إشغالات، وأصبحت الشوارع نظيفة ومنظمة، هذا ما حدث فى مدينة بسيون بمحافظة الغربية، حيث اختفت الكثير من مظاهر الفوضى فى فترة قصيرة جدا. اختفت الإشغالات وظهرت الشوارع، وتحسنت الكثير من الخدمات، والسر فى كل هذا أن المدينة التى كانت منسية لسنوات استقبلت رئيس مدينة جديدا هو المهندس فتحى الفقى، والذى ظهر فى الشوارع وتابع بنفسه العمل، وفكر فى تطبيق القانون.
لم يخترع الرجل قواعد جديدة، وإنما قام بالدور الطبيعى الذى يفترض أن يقوم به المسؤول سواء كان رئيسا للمدينة أو محافظا.
وبما أننى أنتمى إلى بسيون، فقد تلقيت شهادات الناس بتوجس، مركز ومدينة بسيون من المراكز سيئة الحظ لعقود، وربما منذ الستينيات من القرن العشرين لم تشهد مسؤولا محليا يعمل. مظلومة فى الكثير من الأمور تعود للفوضى والإهمال. لكنى قرأت واستمعت إلى شهادات زملاء وأصدقاء ليس من السهل أن ينافقوا أو يزيفوا شهاداتهم، وحتى على صفحات التواصل الاجتماعى كانت شهادات تتحدث عن معجزة حققها رئيس مدينة ينتمى للمركز نفسه.
لدرجة أن الزميل والصديق الكاتب الصحفى ناصر أبوطاحون سجل شهادته، وأشار إلى جهود رئيس المدينة الفقى ونائبه، لدرجة أنه حكى قصة يعرفها كل من ينتمى لبسيون، وهى أن يوم الاثنين هو يوم «السوق» الأسبوعى، حيث تصاب الشوارع بالشلل، ويروى أنه اعتاد أن يذهب للمدينة مشيا خوفا من فوضى المرور والإشغالات، وعندما قرر ذلك يوم الاثنين الماضى فوجئ بخلو الشوارع، لدرجة أنه تشكك فى أن يكون يوم الاثنين، وتكررت الشهادة من آخرين، والسر فى رئيس مدينة بسيون المهندس فتحى الفقى، ونائبه السيد أبوطالب، وفرض النظام والقانون على الجميع، مع التحرك لتنظيم وتنظيف الشوارع والعمل الدائم للمتابعة.
كل هذا الذى حدث فى بسيون، يثبت ما هو معروف بالضرورة، أن السر فى أن يقوم المسؤول المحلى بدوره كما هو معروف، وهو أمر يصيب البعض بالدهشة، لأنهم اعتادوا غياب المسؤول فى مكتبه. قد يقول البعض إن هذا هو الدور الطبيعى، لكن فى زمن الاعتياد على الإهمال والتجاهل يصبح القيام بالواجب معجزة.
تجربة رئيس مدينة بسيون فتحى الفقى تستحق الإشادة، لكنها تطرح أيضا تساؤلا: لماذا لا يكون كل رؤساء المدن والأحياء والمحافظون مثل الفقى، الذى يثبت أن الأمر ليس صعبا: اختاروا الأكثر خبرة وكفاءة.. وعندما يظهر مسؤول يعمل يتفاعل معه المجتمع ويسانده.. معادلة ليست مستحيلة.