بعد أن تلقت الخلايا النوعية لجماعة الإخوان الإرهابية ضربات قاصمة، قضت على خطورتها وجففت ينابيع تمويلها، وبعد نجاح أجهزة الأمن فى حصار وضرب معاقل الإرهاب الدولى فى شمال سيناء، ظهرت من جديد بقايا الخلايا النوعية وشراذم أنصار بيت المقدس فى عمليات عشوائية ضد رجال الشرطة، تم التخطيط لأن تتصاعد على طريقة الذئاب المنفردة فى مختلف مناطق الجمهورية بالتزامن مع الاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير.
أجهزة الأمن بدت واثقة أكثر من سيطرتها على الوضع، سواء فى سيناء أو فى القاهرة والمحافظات، وبدلا من مفاجأة العناصر الإرهابية لقوات الأمن بعمليات مخططة وهجمات منظمة مدعومة بعناصر وتسليح خارجى، أصبحت معظم الهجمات الإرهابية مجرد إطلاق نار بأسلحة آلية على الأكمنة ونقاط الارتكاز من مسافات بعيدة، والهرب بسيارات أو دراجات نارية.
وتكشف الأحداث الإرهابية الأخيرة كيف تولت أجهزة الأمن زمام المبادرة فى ردع العناصر المجرمة، بدلا من التعرض لهجمات لم تصلها معلومات عنها من مصادرها، وعملية المريوطية بالهرم الأخيرة تكشف إلى أى مدى امتلكت أجهزة الأمن زمام المبادرة فى ردع فلول الخلايا النوعية وشراذم الجماعات الإرهابية الممولة من الخارج.
وصلت معلومات إلى الأجهزة الأمنية باتصال عدد من أفراد الخلايا النوعية للإخوان مع تنظيم أنصار بيت المقدس واتخاذهم من شقة سكنية بمنطقة المريوطية بالهرم، ورشة لتصنيع العبوات والأحزمة الناسفة وتخزين القنابل، استعدادا لتنفيذ مجموعة عمليات بشوارع القاهرة ضد مؤسسات الدولة، تزامنا مع ذكرى ثورة يناير، قبلها مباشرة نجحت قوات الأمن فى الوصول إلى مخزن للمواد المتفجرة فى البدرشين، وأعلن المتحدث العسكرى عن ضبط مخزنين للمتفجرات والذخائر بسيناء.
ورغم سقوط عدد من الضحايا فى الهجوم على شقة المريوطية، لقيام العناصر الإرهابية بتفجير العبوات الناسفة أثناء المداهمة، فإن القوات المداهمة عثرت على معلومات تفصيلية عن العناصر التى تخطط للهجوم على المؤسسات وأقسام الشرطة خلال الأيام المقبلة، وكذا المناطق المستهدفة، كما نجحت فى ضبط عدد من العناصر المترددة على شقة الإرهاب أحياء وإخضاعهم للاستجواب، وتحقيق هذا الأسلوب فى المبادرة والردع الذى تعتمده الأجهزة الأمنية تجاه العناصر الإرهابية.
جاء بعد سلسلة طويلة من المواجهات، نجحت خلالها الأجهزة المعنية فى الوصول إلى شبكات التمويل والتدريب والتسليح للعناصر الإرهابية، وكذا العناصر الخبيرة بتصنيع المواد المتفجرة وحلقات الاتصال بين المنفذين والمخططين، وبالتالى امتلكت أجهزة الأمن «داتا» معلوماتية شاملة عن العناصر الأساسية للتنظيمات الإرهابية وطريقة تفكيرها ومناطق تمركزها، ومنهم من تم تصفيته فى المواجهات، ومنهم من تم ضبطه، ومنهم الهاربون الموضوعون على قوائم الاشتباه والمطاردة.
هذه الـ«داتا» المعلوماتية الكبيرة حول الخلايا الإرهابية التابعة للإخوان وسائر التنظيمات الإرهابية الأخرى، هى التى منحت قيادات الجيش والشرطة الثقة للقول إن أحداث العنف ضد أقسام الشرطة ومؤسسات الدولة فى 28 يناير 2011 وما بعدها لن تتكرر، وأن ذكرى ثورة 25 يناير مناسبة للاحتفال وليس للقلق، وأن المواطنين يمكنهم الاحتفال بذكرى الثورة فى ميدان التحرير وميادين المحافظات.
إذن، علينا أن نطمئن، حتى لو نجحت بعض العناصر الإرهابية فى إطلاق نار على كمين هنا أو زرع عبوة ناسفة هناك، فهى من قبيل لفظ الأنفاس الأخيرة، التى لن تستغرق وقتا طويلا قبل أن تصبح ذكرى ضمن ذكريات المصريين الصامدين فى مواجهة عدوان كبير يستهدف وجودهم واستقرارهم.