ماذا نريد من القمة الأفريقية؟.. تنطلق فى العاصمة الإثيوبية اليوم، الأربعاء، اجتماعات المجلس التنفيذى للقمة الأفريقية الـ26، حيث تنظر مصر لهذه الدورة من القمة نظرة خاصة، لأنها بوابة حصول مصر على عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى عبر الانتخابات التى ستجرى اليوم أو غدًا عبر وزراء خارجية الدول الـ54 الأفريقية، لتكمتل منظومة تمثيل القاهرة للقارة السمراء فى التجمعات الإقليمية والدولية المهمة، بعدما تبوأت مصر بداية يناير الجارى عضوية مجلس الأمن الدولى لعامين مقبلين.
كما أن هذه القمة تعد الثالثة التى سيشارك فيها الرئيس عبدالفتاح السيسى، عقب مشاركته فى الأولى فى قمة مالابو بغينيا الاستوائية، وقمة أديس أبابا يناير 2015، وكان من المفترض أن يشارك فى قمة جوهانسبرج الأخيرة فى يونيو الماضى، لكن ظروفًا حالت دون مشاركته فأوفد بدلاً عنه المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء وقتها.
مواظبة الرئيس السيسى على المشاركة فى التجمعات الأفريقية بداية مبشرة، وخطوة جيدة للتواصل المصرى الأفريقى، كما أنها أعادت مصر إلى الحضن الأفريقى الذى كان غائبًا عنا لسنوات، وتسبب ذلك فى أزمات ومشاكل لنا، ويكفى أن نشير إلى الرغبة الأفريقية الأكيدة فى العودة المصرية، فبمجرد إجراء الانتخابات الرئاسية، وفوز «السيسى» بالرئاسة عدل الاتحاد الأفريقى قراره السابق بتجميد عضوية مصر، بل إن مصر ربما هى الدولة الأسرع فى الحصول على مزايا العودة للعمل مباشرة، فبعدها بأشهر قليلة تم انتخاب مصر لتمثيل الشمال الأفريقى فى عضوية مجلس الأمن، واليوم تخوض انتخابات مجلس السلم والأمن الأفريقى دون أن ينافسها أحد، وكل ذلك جاء بعدما تأكد الأفارقة من أن مصر عائدة إليهم، ويدها ممدودة للجميع للتعاون وليس التنافر أو الخلاف.
مصر تدخل القمة الأفريقية الـ26 وفى جعبتها الكثير، سواء من خلال الأفكار والمشروعات التى سيتم طرحها، لكن يبقى الأهم بالنسبة لى هو التواصل المباشر بين الرئيس السيسى والكثير من القادة الأفارقة الموجودين فى أديس أبابا، فعلى مدى يومين أو ثلاثة يستطيع الرئيس أن يلتقى بأكثر من 20 قائدًا أفريقيًا، بما يزيل الكثير من الفوارق التى حدثت فى الماضى بسبب الغياب الرئاسى عن القمم الأفريقية، وعن العواصم الأفريقية أيضًا، مما جعلنا بعيدين تمامًا عن مراكز التأثير فى القارة، فمصر قادرة على التفاعل مع بقية الدول الأفريقية لمواجهة هذه التحديات بما تمتلكه من خبرة، ومنها على سبيل المثال الإرهاب الذى يضرب قلب أفريقيا فى نيجيريا، وبوركينا فاسو، والكاميرون، والنيجر، من خلال تنظيم «بوكو حرام» الإرهابى الذى يعمل على الانتشار فى وسط أفريقيا وغربها، ويحتاج لتكاتف معلوماتى وأمنى بين الدول الأفريقية التى لديها القدرة على مواجهة الإرهاب، ومن بينها مصر التى تواجه أيضًا خطر الإرهاب، ولديها استراتيجية تعامل مع الإرهابيين تستطيع أن تفيد الأشقاء الأفارقة بها، وهنا يمكن أن تعمل مصر على إحياء فكرة الساحل والصحراء التى كانت تمثل إطارًا إقليميًا يساعد على حل سريع للقضايا، ومواجهة المشاكل، ومن الأفضل أن يعود إلى قوته الآن لمواجهة خطر الإرهاب الذى ينطلق فى منطقة الساحل والصحراء.
مصر قادرة على المشاركة بقضية التنمية التى تمثل الشغل الشاغل لكل دول القارة، ولا يخفى على أحد أن القاهرة لعبت دورًا مؤثرًا فى هذا المجال حينما استضافت مدينة شرم الشيخ العام الماضى قمة التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاثة الكبرى، والتى تعتبر النقطة الأهم فى الوصول إلى منطقة تجارة حرة أفريقية، كما أن شرم الشيخ ستستضيف الشهر المقبل منتدى الاستثمار فى أفريقيا بمشاركة رؤساء أفارقة وحكومات ورجال أعمال، وسيكون المنتدى الأول من نوعه الذى يعقد تحت أجندة أفريقية، وهو بمثابة آلية جديدة لتواصل دول القارة، بما يسهم فى التكامل الاقتصادى، حيث إنه يبنى على تجربة التكتلات الأفريقية الثلاثة، تمهيدًا لإقامة منطقة التجارة الحرة الأفريقية التى سيبدأ التفاوض عليها 2017، وسيركز المنتدى على خمسة موضوعات رئيسية تهم القارة الأفريقية ومصر، هى الطاقة، وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والبنية التحتية، والزراعة، والصحة والدواء.
هناك آليات كثيرة تستطيع من خلالها مصر للوصول لمرحة التكامل التى نتمناها، باعتبار أن أفريقيا هى الظهير القوى لنا، والتى يجب ألا نفرط فيها أبدًا، بل يجب أن يكون وجودنا فيها قويًا، وهو ما يسعى إليه الرئيس السيسى.