الجمارك على «السلع الترفيهية» ضرورة
أشعر أحيانا أن بعض جهات الدولة تتفنن فى تشويه الدولة، فلم تمض ساعات على ارتياحى بإصدار الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا بزيادة الجمارك على بعض السلع المستوردة التى تعد من السلع الترفيهية، بنسب تتراوح من 20 إلى 40 % حتى أحاط بى الغم حينما علمت بحبس الفنان إسلام جاويش لأسباب غامضة ومتضاربة، وفى الحقيقة كنت أريد أن أتناول هذا القرار اليوم ثم غيرت رأيى وعزمت على الكتابة عن إسلام جاويش معلنا تضامنى مع حقه فى التعبير عن رأيه، لكنى علمت أثناء كتابة المقال بأن الفنان الشاب سيخرج من محبسه فقررت الكتابة عما كنت قد قررت الكتابة عنه أصلا، وهنا اكتشفت أن الغباء أحيانا يقودنا إلى خوض معارك فرعية تعطل المسيرة الوطنية ولا تصب إلا فى مصلحة من لا يريدون لمصر خيرا.
أقولها قولا واحدا لا يقبل التردد، قرار الرئيس بزيادة الجمارك على السلع الترفيهية قرار «عظيم» بل أنى أعتبر هذا القرار من أفضل القرارات التى أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ بداية ولايته، فهذه السلع الترفيهية تأكل كل عام عشرات المليارات من ميزانية مصر «المحدودة» وتستهلك مخزوننا «الضئيل» من الدولار فى الصرف على أكل القطط والكلاب وأدوات التجميل والأقلام والولاعات والفواكة المستوردة والمكسرات والفضية وغيرها من السلع التى يسهل الاستغناء عنها ولا تهم 99.9% من الشعب المصرى وحتى لو فرضنا أن هذه السلع ضرورية لأحد فليس من الصعب على هذا «الأحد» تحمل سعرها بعد الزيادة.
أقولها قولا واحدا أيضا، مصر فى حاجة ماسة إلى توسيع شريحة السلع الترفيهية التى يجب مضاعفة قيمة الجمارك عليها، فليس من العدل فى شىء أن ينزف الشعب المصرى كل يوم فى ميادين العمل ليوفر عملة صعبة ليستنزفها البعض فى رفاهية الرفاهية، لكن يجب علينا أن نراعى بعض الإشكاليات ونحن نتخذ مثل هذه الإجراءات، فيجب ألا تتضمن قائمة السلع المراد زيادة قيمة الجمارك عليه سلعا لها شق «علاجى أو وقائى» مثل معاجين الأسنان، كما يجب أن نبتعد عن كل شىء مخصص لرعاية الأطفال، ويا حبذا لو ذهب جزء من حصيلة ما ستوفره هذه الجمارك الجديدة على السلع الترفيهية لدعم صناعة البدائل المحلية، كما يجب أن توضح الحكومة للرأى العام هل الزيادة ستكون على قيمة الضرائب أم على قيمة السلع؟، بمعنى أنه لو أن هناك سلعة بمائة جنيه والدولة تحصل عليها ضرائب عشرة جنيهات فهل هذه الـ20 % ستكون على المائة جنيه أن على الـ10 جنيهات، كما يجب أن نفرض رقابة صارمة على الأسواق ونراقب أسعار البدائل المحلية لكى لا يقع المواطن العادى فريسة مرة أخرى لجشع التجار.