الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 05:20 ص
محمد سعودى

محمد سعودى

ثورة 25 يناير.. كيف تنجح؟

2/4/2016 6:56:44 PM
نعم.. لم تنجح ثورة 25 يناير 2011 رغم مرور ذكراها الخامسة العطرة فى مثل هذه الأيام، وذلك ربما يكون أمرا طبيعيا، فالمتابع لثورات التاريخ فى العالم يجد أن الثورة الفرنسية، التى اندلعت فى عام 1789 استمرت عشر سنوات، وحققت نتائجها المرجوة منها بعد مُضى أعوام عديدة.

الكثيرون من شباب يناير أصيب بالإحباط والاكتئاب من عدم تحقيق نتائج الثورة حتى الآن، لكن علينا أن نتأملها من زاوية أخرى، فإذا شبهنا ثورة يناير بالطفل الصغير الذى ولد أبان الثورة، نجد أنه يزحف فى الشهر السادس مستلقيًا على بطنه لتقوية عضلاته حتى يحبو على ركبتيه فى نهاية عامه الأول، وبعد عامين من ولادته يبدأ الطفل فى أن يخطو خطواته الأولى بنجاح، وهكذا حتى يلتحق بالمدرسة ثم الجامعة، وبعدها التخرج، وهنا يكون عمره تجاوز الـ22 عاما، ومن ثم يبدأ يبحث عن عمل، ويٌشرع فى تحقيق أحلامه.

ما أود قوله: هو أن الثورة حتى تنجح وتحقق أهدافها مثل الإنسان، تحتاج إلى أكثر من 50 عاما من العمل والجهد و"الضمير" والسعى نحو الأفضل والتغيير للأحسن، حتى وإن شهدت بلادنا بعض الاضطرابات السياسية والأزمات الاقتصادية، لكن من الضرورى أن نكون فى الطريق الصحيح لتحقيق أهداف الثورة.

الأزمة الآن تتمثل فى أننا لم نسلك جميعا الطريق الصحيح لتحقيق أهداف الثورة المجيدة، فالفساد لا يزال متفشيا فى أغلب مؤسسات الدولة سواء فسادا ماليا أو إداريا، ولم نُشرع حتى هذه اللحظة فى مُجَابهَته بفاعلية، ولم يُقل المسئولون "عديمى الضمير" رغم فسادهم وإهمالهم وتقاعسهم إزاء خدمة المواطنين، فهم يواصلون فسادهم إلى اليوم دون حساب يلمسه الشارع المصرى، كما أن السلوكيات البذيئة الهابطة من قبل البعض لم تتوار فى الشارع المصرى، فهى عنوان الكثيرين بكل أسف.

كذلك، لم ولن تنجح ثورة يناير، ونحن ننتهج منظومة تعليمية عقيمة كالأرض الجدباء الهالكة، لا تحصد سوى أجيال يفتقرون العلم والتفكير الإبداعى والابتكارى، ولا تجنى إلا المزيد من الجهل والفقر، عاجزة عن النهوض بالبلد وبأبنائها، غافلة عن أن التعليم هو أساس التقدم والنهضة والحضارة.

آجل.. مصر تحتاج إلى عدة ثورات حتى تنهض بعد تعثرها فى أرض الظلم والاستبداد والقمع، ثورات فريدة من نوع آخر، تعلو بنا إلى سماء الحرية والديمقراطية والنهضة الحقيقة، هذه الثورات لا تكترث بالنزول إلى الشوارع والميادين العامة، وإنما لها طبيعة خاصة بها.

نحن – المصريين – جميعا نفتقر إلى الثورة الأخلاقية، ثورة على النفس، تجعلنا نحترم آراء بعضنا دون إساءة لمن يُعارضنا، ثورة فى التعليم، تخلق عباقرة من أجيال الشباب لخدمة البشرية والعالم أجمع، ثورة فى وزارة الداخلية، تقضى على انتهاك الشرطة لحقوق الإنسان وتكفل للمواطن كرامته وحريته، ثورة فى كل مؤسسات الدولة، تواجه الفساد مواجهة حقيقة، لا تتستر على المفسدين، وتُخضع معدومى الضمير من مرتشين وفاسدين ومتقاعسين فى محاكم عادلة ناجزة، وكن على يقين "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

print