السبت، 23 نوفمبر 2024 05:27 ص
عادل السنهورى

عادل السنهورى

من قتل الإيطالى «جوليو ريجينى»؟

2/6/2016 12:19:55 PM
هل هى نظرية المؤامرة وراء قصة مصرع الشاب الإيطالى جوليو ريجينى فى مصر؟، وما الهدف منها؟، وما علاقة المؤامرة بحادث ربما يبدو جنائيًا؟، ولماذا إيطاليا الآن وفى هذا التوقيت؟، ولماذا خلال زيارة وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية فيديريكا جويدى للقاهرة بجدول اقتصادى مزدحم مع عدة هيئات ووزارات حكومية فى إطار التعاون القوى والوثيق بين البلدين، خاصة فى العامين الأخيرين، ومع توقيع شركة «إينى» الإيطالية عقدًا تاريخيًا لاستكشاف أكبر حقل غاز فى البحر المتوسط؟ هل هناك علاقة بين «الحوادث الإيطالية» فى مصر خلال العام الأخير، والعلاقة الاقتصادية المتميزة بين روما والقاهرة، والتى ستجعل من الأخيرة مركزًا إقليميًا للطاقة، وتقلب موازين اكتشافات الغاز فى المنطقة والعالم، وتحطم أحلام تل أبيب فى السيطرة على سوق تصدير الغاز فى الشرق الأوسط.. البداية بحادث تفجير القنصلية الإيطالية فى وسط القاهرة فى يوليو العام الماضى، ووقتها اندهش الكثيرون، ولم يفسروا وتساءلوا: لماذا القنصلية الإيطالية وليست الإنجليزية أو الفرنسية أو حتى الأمريكية؟ التفجير جاء بعد أشهر من إعلان مصر التعاون مع «إينى» الإيطالية لاكتشاف أكبر حقل غاز فى البحر المتوسط، وهو حقل «ظهر» أو «شروق»، ولم ينتبه الكثير إلى سر اختيار القنصلية الإيطالية لتفجيرها.

هل الصراع حول الطاقة فى بدايات القرن الواحد والعشرين فجّر «حديث المؤامرة» مرة أخرى، مثلما كان الصراع حول التسليح فى منتصف القرن العشرين أساس المؤامرة على مصر، لإجهاض برنامج الصواريخ المصرى فى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، والذى كان مشروع صاروخ «القاهر» وصاروخ «الظافر» جزءًا منه.

فى يناير 2014 دقت أجراس الإنذار فى تل أبيب، واجتمع عدة وزراء بنتنياهو لبحث ما يجرى فى مصر بعد إعلان شركة «إينى» الإيطالية توقيع عقد أكبر استكشاف لحقول الغاز فى البحر المتوسط.. إسرائيل استعادت ذاكرة المؤامرة، فهى لم تسمح لمصر بامتلاك برنامج للصواريخ قال عنه عبدالناصر إنه يصل فى مداه من القاهرة حتى جنوب لبنان، ويومها أصيب معجزة العسكرية الصهيونية موشى ديان بالذعر والجنون، وراح يصرخ فى نوبة هيستيرية: «المصريون سيقتلوننا عن بعد‏،‏ سيقضون علينا دون أن يتركوا مدنهم»‏‏، على الفور وُضعت خطة لتدمير قاعدة الصواريخ المصرية بضربها بالطائرات الإسرائيلية التى ستخترق المجال الجوى للقاهرة، ولكن بعد أسابيع من التدريب على الخطة تراجعت القوات الجوية الإسرائيلية عن تنفيذها، وتركت فرصة للموساد كى يتصرف بطريقته الخاصة.. تصفية كل العلماء الألمان الأجانب الذين يعملون فى برامج تطوير الأسلحة غير التقليدية فى مصر، وهو ما حدث فى الطرود الملغومة للمهندسين الألمان، واغتيالهم فى القاهرة وسويسرا والنمسا، وتوقف المشروع وجاءت هزيمة 67.

صراع الطاقة أصاب إسرائيل بالجنون والهيستيريا، فمعنى أن تصبح مصر مركزًا إقليميًا للطاقة يعنى انهيار الحلم الإسرائيلى فى السيطرة على حقول الغاز والسوق فى المنطقة.. محاولة تفجير القنصلية فشل فى «دق الإسفين» مع الطليان، فبدأوا البحث عن عرقلة الجهود المصرية مع قبرص واليونان، وعقد اجتماع ثلاثى معهم، وزار نتنياهو قبرص يوم الثلاثاء الماضى لعقد اتفاقات فى مجال الطاقة والغاز، وقررت بيع الغاز لتركيا «بتراب الفلوس» لخنق مصر وإجهاض حلمها، وبدأت فى إطلاق شائعات عن توقف البحث فى حقل «شروق»، وحدوث خلافات مالية مع الشريك الأجنبى «إينى»، وهو ما كذبته الشركة الإيطالية قبل أن تكذبه مصر.

وهنا نمد السؤال لآخره مرة أخرى: هل هناك «حديث المؤامرة» فى مصرع الشاب الإيطالى، الطالب الذى اختفى يوم 25 يناير، ولم تظهر جثته إلا أمس الأول مع زيارة إيطالية غاية فى الأهمية إلى مصر؟، ومن المستفيد من توتر العلاقة؟، هل هناك ثمة رائحة للأيادى الصهيونية فى الحادث؟!

print