المطالب العادلة قد تصبح حصان طروادة للإخوان عندما اعتدى أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية، انتفض الكتاب ووسائل الإعلام للدفاع عن الأطباء ومناصرتهم فى إجراءاتهم التصعيدية رغم خطأ إغلاق المستشفى أمام المرضى .
وعندما نظمت نقابة الأطباء الجمعية العمومية الحاشدة لنظر اعتداءات أمناء الشرطة وعدد من المطالب الفئوية الأخرى نال الأطباء وقياداتهم النقابية التحية والتقدير، وتحركت أجهزة الدولة بدءا من رئيس الحكومة ووزير الصحة لتلبية المطالب التى ناقشتها الجمعية العمومية، رغم الملاحظات الجوهرية التى وجهها بعض المحللين والمهتمين بالشأن العام لقيادات النقابة بمحاولة تسييس مطالبهم، أو السماح لبعض الفئات السياسية ومن بينهم الإخوان باستخدام مطالب الأطباء المشروعة لبدء عمليات احتجاجية ومظاهرات لا علاقة للأطباء بها.
كان الرد سريعا من النقابة، بأنها تحمى مطالب أعضائها الفئوية، ولا علاقة لها بالسياسة، وستظل تطالب بحقوقهم حتى الحصول عليها، وأن العمل النقابى يفرض على القائمين الحاليين ذلك، وبعد هذا الرد اطمأن الذين يساورهم القلق من استخدام نقابة الأطباء وغضب الأطباء وحماس الأطباء ومطالب الأطباء لتحميلها بمطالب وخبث وألاعيب الجماعة المحظورة، خاصة بعد أن تحركت رئاسة الوزراء للنظر والتفاوض مع النقابة حول تحقيق مطالبهم الفئوية المشروعة، وبعد أن تعهد وزير الصحة باستعادة حقوق الأطباء المعتدى عليهم فى مستشفى المطرية .
إذن، فقد استعادت نقابة الأطباء حقوق أعضائها المهدرة من خلال تعهدات وتحركات رئيس الوزراء ووزير الصحة، وأحيل مندوبو الشرطة التسعة المعتدون للتحقيق بمعرفة النيابة المختصة، وجارى النظر فى مطالب الجمعية العمومية، فلماذا استسلمت النقابة لصاحب دعوة الوقفات الاحتجاجية على مستوى الجمهورية داخل المستشفيات، وإعطائها مسمى يذكرنا بمليونيات الجمعة التى كانت تنظمها الإخوان والحركات السلفية للضغط على المجلس العسكرى بعد ثورة يناير؟
لماذا تدعو النقابة أعضاءها إلى ما تسميه وقفات الكرامة فى جميع مستشفيات الجمهورية فى يوم محدد هو 20 فبراير؟ وهل ستكتفى النقابة العامة بهذه الوقفات على مستوى الجمهورية، أم أنها تنوى تكرارها بمسميات المليونيات الإخوانية والسلفية، وقفات الغضب والتطهير والخلاص والزحف والإصرار والنصر إلخ؟
وهل هناك نية للقائمين على النقابة للأخذ باقتراحات الداعين لأن تكون وقفات الأطباء يوم الجمعة من كل أسبوع؟ وأن تكون الوقفات دائما فى دار الحكمة لقربها من ميدان التحرير؟ وأن تشترط النقابة العامة على النقابات الفرعية فى جميع المحافظات أن ترسل وفودا بأعداد محددة للمشاركة فى هذه الوقفات؟ وأن يتم تغيير مسمى الوقفات فى المستقبل القريب إلى «المليونيات» مع منح كل مليونية اسما رنانا يعيدنا إلى زمن الانتفاض والثورة؟
أرى ومعى غيرى من المتعاطفين مع الأطباء فى أزمتهم والمؤيدين لحصول الأطباء على حقوقهم كاملة، أن النقابة العريقة التى سيطر عليها تنظيم الإخوان لسنوات طويلة، تنجرف شيئا فشيئا نحو سياسة لا تخدم الأطباء ولا تستعيد حقوقهم، بل تسمح لمن فى قلوبهم مرض وهوى أن يختطفوا النقابة من جديد إلى جهة غير مأمونة وغير مريحة، وليس مستبعدا إذا مددنا الخط على استقامته، أن يدعو صاحب فكرة وقفات الكرامة إلى اعتصام رمزى فى دار الحكمة يعقبه اعتصام مفتوح ونشهد إغلاق شارع قصر العينى بالخيام ومواقد الطهى وأحواض الغسيل ومنصات الإعلام الحارجى فى مشهد تعرفونه جيدا وشهدتموه فى ميدان الشهيد هشام بركات، رابعة العدوية سابقا.
كلمة فى أذن نقيب الأطباء وقيادات النقابة، ابتعدوا عن الشبهات وتفاوضوا لتحصلوا على حقوق زملائكم، ولا تتحولوا إلى حصان طروادة يركبكم أعداء البلد وأعداء الاستقرار لصناعة مشهد احتجاجى مجانى على حساب المصلحة العليا.