الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 12:06 م
يوسف أيوب

يوسف أيوب

هل تلغى أوروبا اتفاقية «شنجن»؟

2/19/2016 6:35:18 PM
هل تلغى أوروبا اتفاقية «شنجن»؟.. «شنجن» هى اتفاقية أو معاهدة وقعتها 5 دول أوروبية، هى ألمانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا ولكسمبورج فى 14 يونيو 1985، وانضمت إليها لاحقًا دول أوروبية أخرى، وتسمح بتنقل حر عبر حدود الدول الموقعة عليها لحاملى تأشيرة أى منها، وتضم منطقة «شنجن» 26 دولة، 22 منها أعضاء فى الاتحاد الأوروبى، و4 لا تنتمى إليها، هى سويسرا وأيسلندا والنرويج ولختنشتاين، وبموجب هذه الاتفاقية تم إلغاء جواز السفر وضوابط الهجرة على الحدود المشتركة الداخلية بين الدول الـ26 لتكون بمثابة دولة واحدة لأغراض السفر الدولى، مع وجود سياسة تأشيرات مشتركة.

وفى نهاية إبريل 2011 ثار لغط كبير عقب منح إيطاليا تأشيرات «شنجن» لنحو 20 ألف مهاجر تونسى تسمح لهم بالتنقل فى أوروبا، وهو ما أغضب فرنسا التى أثارت احتمال تعديل المعاهدة، وزاد الجدل حول الاتفاقية مؤخرًا بعد تزايد نسبة هجرة السوريين إلى أوروبا، مما دفع الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى إلى المطالبة بوقف العمل بـ«الشنجن» لمواجهة تدفق اللاجئين السوريين، وحذر من أن بلاده ستنسحب من الاتفاقية إذا لم يتم تعديلها خلال عام، وهو ما أحدث انقسامًا شديدًا داخل القارة الأوروبية بين مؤيد لإلغائها، ومطالب بالإبقاء عليها، مع إدخال بعض الإجراءات الأمنية التى تسمح للدول بفرض بعض القيود التى تحميها من انتقال العناصر الخطرة إلى داخل أراضيها.

لكن من الواضح أن الاتحاد الأوروبى مقبل على اتخاذ إجراءات أكثر تشددًا، ربما تصل إلى تقييد العمل باتفاقية «شنجن»، فالجمعة الماضى أمهل الاتحاد الأوروبى اليونان ثلاثة أشهر لتعالج ما أسماه بـ«الخلل الجدى» فى إدارتها لتدفق المهاجرين على حدودها مع تركيا، وإلا فإنها تواجه احتمال وقف تطبيق اتفاقية «شنجن» للحدود المفتوحة معها، وجاء هذا التحذير بعد قرار تبنته المفوضية الأوروبية قبل عشرة أيام.

ومن الواضح أنه إذا فشلت اليونان فى إصلاح الخلل حتى منتصف مايو المقبل تستطيع بروكسل عندها أن تسمح للدول الأخرى الأعضاء بإعادة فرض الضوابط الحدودية فى منطقة «شنجن»، بما يشمل اليونان، لمدة تصل إلى عامين بدل المدة المعتادة وهى ستة أشهر، وهذا القرار يمهد الطريق فعليًا أمام تطبيق المادة 26 فى اتفاقية «شنجن»، والتى تعطى المفوضية الأوروبية، بموافقة مجلس أوروبا، الممثل للأعضاء الـ28، سلطة إعادة فرض إجراءات تدقيق على حدود دولة أو أكثر من أعضاء الاتحاد الأوروبى لفترة ستة أشهر قابلة للتجديد، ولفترة أقصاها سنتان.

كل هذا يؤكد وجود تحركات أوروبية ربما تصل إلى درجة تقييد اتفاقية «شنجن» بسبب الهاجس الأمنى الذى يسيطر على القارة العجوز. هل تدرك أوروبا التكلفة الاقتصادية لإلغاء «شنجن»؟.. وفقًا لما تناقلته وسائل الإعلام الغربية، فإن مفوضية الاتحاد الأوروبى قالت إنه من الصعب تقدير الأثر الاقتصادى لمراقبة الحدود الداخلية لدول الـ«شنجن»، مشيرة إلى أن تقديراتها للتكاليف المباشرة تتراوح بين 5 مليارات و18 مليار يورو.

وفى دراسة مماثلة قدر مركز الأبحاث «استراتيجيا فرنسا» تكلفة التخلى عن الـ«شنجن» بنحو 110 مليارات يورو بالنسبة لكل بلدان الاتحاد الأوروبى، وقدرت هذه الدراسة التأثيرات المحتملة لنهاية العمل بهذا النظام على السياحة والاستثمار الأجنبى والصناعة، إضافة إلى العاملين على الحدود، والذين يستفيدون جميعًا من حرية التنقل التى تكفلها اتفاقية «الشنجن».

إذن هناك تكلفة اقتصادية كبيرة ستتحملها أوروبا إذا ما قررت إلغاء «شنجن»، وهو ما يشير إلى أن الاتجاه سيكون نحو تقييد عمل الاتفاقية من خلال قيود وضوابط أمنية جديدة تتيح للدول الأعضاء فى «شنجن» أن تضع ما تراه مناسبًًا من إجراءات لحماية أراضيها من الأشخاص غير المرغوب فيهم، وربما يكون هذا الرأى هو الغالب، خاصة أن دولاً مثل التشيك بدأت تطالب بهذا الأمر علنًا، خاصة أنها تخشى من موجة جديدة من الهجرة السورية إلى أراضيها، كما أن ألمانيا التى استضافت العام الماضى مليون مهاجر سورى تفكر الآن فى ضوابط وإجراءات جديدة.

print