الخميس، 19 سبتمبر 2024 10:51 ص

"توفيق" بين "عكشنة" البرلمان و"فرعنة" الإعلام

2/22/2016 10:45:19 PM
بداية نعوذ بالله من فقر العقل، وخواء الذات، وغياب رجالات الحق عند أيام محن الأوطان، فلا أمل لبلد يعلو فيه صوت الباطل، ولا مستقبل لمؤسسات سكنها من هم ليسو أهلًا لها، ولا خيرًا فى سنوات خدَّاعات كالتى نعيشها، إلا أن يصمم أهل الحق على الجهر بكلمتهم، ويقفون دون آرائهم مجاهدين، حتى يضعون كل صغير فى حجمه لينخفض صوته تدريجيًا فيعلو صوت الوطن.

الليلة أصبحت لا تشبه البارحة أبدًا، وخريف 2010 ليس كشتاء 2016، فلا زعيم حزب الأغلبية صفوت الشريف، ولا على عبد العال بجبروت فتحى سرور، إلا أن توفيق عكاشة مايزال نسخة من ذلك الـ"عبده المشتاق"، ولكن ليس بنفس صورة وطريقة وشكل "عبده مشتاق" 2010.

أظهرت لنا السنوات الخدَّاعات أقبح صورها، بعدما أضحى توفيق عكاشة إعلاميًا بحجم وتفاصيل وجوده بـ" جمعية شباب الإعلاميين"، ولكن بصورة مختلفة عن تلك الأيام، أفرزت ألقابًا تحت الاسم والحجم، مثل "الدكتور وصاحب القناة"، ومن ثم الإعلامى ومقدم البرنامج، وأخيرًا "النائب"، لتعيد لنا المأساة ذاتها على الجانب السياسى، حيث توفيق المتطلع لرؤية يد صفوت الشريف ليقبلها، أصبح عكاشة المستأسد على "على عبد العال والسيسى" وكل من لم يبارك لمفجر الثورات جلوسه على مقعد رئيس البرلمان أو الوكالة أو رئاسة لجنة، أو كل منصب يراه رجل الأقدار فى منامه، ويحدثه به قلبه، فيحدثنا عنه كما لو أنه الحق المبين والمكتسب!
كل ما سبق ربما يمثل قطرة صغيرة فى بحر تاريخ توفيق عكاشة المفتوحة أبوابه من الخلف منذ زمن، ولكن هل لنا أن نهتم بداخلين التاريخ من الأبواب الخلفية؟، وهل مع التسليم أننا نكتب عن شخص بهذا الحجم يصح أن نتناول ما يفعله "عكاشة" فى البرلمان وعلى الشاشات؟ الإجابة نعم كبيرة.
اليوم، وبينما كانت تشهد جلسة البرلمان مشهدًا جديدًا من مجموعة مسرحيات "عكاشة تحت القبة"، كان الزملاء فى "برلمانى واليوم السابع" مثل باقى الصحفيين ينقلون طرد النائب المتجاوز فى حق رئيس المجلس، وهتافات زملائه "بره بره"، ثم انتقاله للبهو الفرعونى مطرودًا، وإذ بمالك قناة الفراعين يتطاول على واحدة من أقدم محررات البرلمان فى مصر، والتى وقت أن كانت تنفرد بالخبطات الصحفية، وتزلزل عرش أباطرة الحزب الوطنى المنحل، كان "عكاشة" يحبو فى عالم الإعلام بجمعية شباب الإعلاميين، وفى السياسة يتمنى أن لو رأى القيادى بالحزب ذاته صفوت الشريف فى المنام، وذلك لا لشىء إلا لأنها نقلت الحدث بكل حيادية ودقة، كما تعلمت أن الصحفى عندما يتناول الخبر فهو ينقله ولا يصنعه ولا يتدخل فيه بالوصف أو الرأى، إلا أن الإعلامى الذى يقسم على المصحف لجمهوره على الهواء، ثم يعود ويقسم على المصحف ذاته والقضية ذاتها أنه كان يكذب، لم تعجبه حيادية زملائى فى برلمانى واليوم السابع!
أتفهم أن توفيق الذى منذ دخوله المجلس يحاول "عكشنة" البرلمان بداية باصطناع أزمة مع المستشار أحمد سعد الدين أمين البرلمان، مرورًا بموقعة رئاسة المجلس التى حصل فيها على 25 صوتًا، والحديث المضحك عن تضييق الأمن عليه، ومنع النواب من الوصول لمؤتمر مفجر الثورات، انتهاء بالأداء الاستعراضى وفرد العضلات فى كل جلسة للبرلمان، وما كان له أن يفعل ربع ذلك فى الأيام الخوالى، ولكن ما لا أتفهمه هو كيف يعيب رجل الفراعين على أسلوب الزملاء فى التغطية وهو الذى يأتى بكل العيوب فى قناته وبرنامجه الذى تعرض للإيقاف أكثر من مرة بسبب بعده عن الحق والمهنية ؟!

توفيق الذى يقسم لجمهوره على الهواء أنه كان يكذب يقيم أداءنا المهنى، وعكاشة الذى يذكر على الهواء أنه يتلقى التعليمات وينفذها يحدثنا عن المهنية، والإعلامى الذى اكتسب اللقب من امتلاك قناة فضائية لا يرضيه أقل من "فرعنة" الإعلام، حتى يصبح كله "فراعين" جديدة!

لن أحدث توفيق عكاشة عن المهنية وضوابط نقل الخبر، ذلك أنى لا أتعشم فى تقديره لهذه الأشياء سوى نفس مقدار استيعابى للدكتوراة التى يقول إنه يحملها، ولجملة إعلامى التى منحته إياها "فراعينه"، وشكل أداؤه تحت القبة، ولكن أود أن أذكره أن محاولات "عكشنة البرلمان" لن تفلح، ولا تعود عليه سوى بمزيد من السخرية، أما الحلم بـ"فرعنة" الصحف والإعلام فإنه تمامًا يشبه حلمه برئاسة الجمهورية بخبرات "تزغيط البط"، وعليه نقول للسيد توفيق عكاشة "تمهل يا رجل ولا ترمى الناس بما فيك، ولا تتخيل أن الجالسين فى التاريخ دخولًا من أبوابه الخلفية يمثلون فيه سوى فقرة مضحكة فى باب "السنوات الخدَّاعات" .


print