إذا كانت الأوضاع داخل المستشفيات الحكومية والخاصة قد وصلت إلى هذا المستوى السيئ والمتردى ليس فقط على مستوى الخدمات الطبية وإنما أيضا على المستوى الأخلاقى والقانونى.. فلابد أن هناك شيئا خطأ بل خطير أصاب التعليم الطبى فى مصر فى مقتل، وأدى إلى تدهور منظومة الصحة بأكملها، وهددت صحة المصريين وراح الآلاف ضحايا للإهمال والفشل الطبى.
دعونا نقولها صراحة إن الوهن والضعف و«الشيخوخة» أصاب التعليم الطبى فى مصر بجميع عناصرها، من الطلبة الذى تحول عدد منهم فى السنوات الأخيرة إلى «تجار» عقاقير ومواد طبية، ومناهج وطرق تدريس لم تتغير منذ 89 عاما وكليات ودراسة تعانى الفوضى، وبالتالى تخريج طلاب فاقدين للمهارات والموهبة وللالتزام بأخلاقيات مهنة الطب وبمواثيقها وبقسمها المقدس، والنتيجة انهيار فى الخدمات الصحية الحكومية وتحول مستشفيات الحكومة إلى أماكن مهجورة ومأوى للقطط والفئران، وتأسيس مستشفيات خاصة لا هدف لها سوى الربح والتربح والاتجار على حساب صحة المصريين، ورفض علاج الفقراء إلا بعد دفع الأموال، بل ورفض استقبال الحالات الطارئة وتركها دون علاج حتى الموت..! علاوة على تدنى مستوى العلاج حتى للقادرين أو الذين تدبروا أمورهم للعلاج فى مستشفى خاص، فى ظل عدم وجود البديل الحكومى.
كل المهتمين والمعنيين بقضية الطب فى مصر يعترفون بأن مشاكل غير محدودة توجه التعليم الطبى، فلم يحدث تطوير منذ العام 1926 رغم ثورة التطوير والتغيير التى حدثت فى كليات الطب فى العالم، لكنها لم تصل إلى مصر، فانعكس ذلك بالطبع على مستوى الخدمات الطبية وكفاءة الطبيب والتعليم الذى يعانى من حالة الانهيار.
القضية خطيرة ويجب فتح هذا الملف إذا أردنا خلق منظومة صحية مناسبة ولائقة للمواطن فى مصر، فأولى خطوات حل المشكلة هو أن نضع أيدينا على أسبابها.
فأوضاع الطب فى مصر كما يصفها الدكتور خيرى عبدالدايم نقيب الأطباء السابق «بالكوميدى»، وربما العبثى ولكنه وضع خطير للغاية، لأنه يرتبط بصحة المصريين وأرواحهم.. أنقذوا التعليم الطبى فى مصر، وأعيدوه إلى زمانه وبريقه ورونقه، حتى يطمئن المصريون على صحتهم، ولا يخافون من دخول أماكن العلاج الحكومية أو الخاصة.