النائب البلوفر والآيباد والمجلس فى التليين
لا نعرف بالضبط متى ينتهى مجلس النواب الموقر من وضع لائحته الجديدة الموقرة، وقد تجاوز فى وضعها شهورا، ويبدو أنه قد يستمر فى وضع اللائحة حتى نهاية الفصل الدراسى أو الفصل البرلمانى أيهما أقرب الأجلين.
وبعدها يطلع إجازة «وضع لائحية»، يرتاح فيها من وعثاء الإرهاق والمناقشات والبلوفرات.
مع أن البث المباشر توقف عن المجلس مازلنا فى حالة بث تتجاوز الحالة البرلمانية، إلى الحالة الغازية، من دون المرور بأى إحساس.
طبعا المجلس لم ينته من اللائحة، ولا يمكنه مناقشة التشريعات أو الطلبات أو حتى إبداء التعاطف مع الشعب المصرى المجاور. وهو بحاجة للتعرف على رأسه من رجليه، وأن الأموال التى دفعها ويدفعها للموقر، تعود بفائدة أكثر من جدل: هل لبس النائب الموقر للبلوفر المخطط ضمن اللائحة أم أنه يدخل فى الهوى. وهى الأحجية التى طلع بها السيد العضو المخطط، فى مواجهة غضب رئيس المجلس تجاه البلوفر، ولم يجب ما إذا كان لبس البلوفر من اللائحة التى لم توضع، أم أنه من الهوا هوايا البرلمانى القائم على ترابيع المثلثات المكعبة؟!
وبصرف النظر أو صرف الصحى عن هذا الجدل «التريكو» فإن حال مجلس النواب- عفوا- ما زال فى التليين، لا نعرف متى يغادر التليين، ليتفرغ للتوك شو، وكان الرهان على وجود نواب جادين أو مهتمين بالأحوال العامة والخاصة، أو الغوص فيما يطرحه الناس من أسئلة، أو مناقشة جهود السلطة التنفيذية أو حتى مناقشة الأحداث من حولنا، والأزمة الاقتصادية، وانخفاض أسعار النفط، وارتفاع الدولار، لكن الرهان خاب، لأن الأعضاء انشغلوا بزيادة بدل الجلسات، والعلاج، والحصول على جوازات سفر محصنة حجم عائلى.
لم نر المجلس الموقر حتى الآن ما يعطى أملا فى حياة برلمانية، وحتى مع اختفاء نائب الاستعراض ما يزال هناك نواب مثيرون للأتربة، وبالرغم من معرفتنا بأن هناك نوابا شبابا ونائبات سيدات بأعداد كبيرة فإننا لم نتعرف حتى الآن سوى على الشاب البلوفر، والنائبة الآيباد.
هذا الوضع المفتكس الذى يقف فيه البرلمان بعيدا عن الأمور الدائرة، وبالرغم من وقف البث ومنع التصوير، اختفى عضو الشو، وحل مكانه نواب الجدل اللائحى ممن يهتمون ببدلات الجلسات والسندوتشات أكثر من بدلات التشريعات، ومناقشة أحوال الناس والانشغال بها.
الأغلب أن الموقر يحتاج إلى أن يصدق أولا بنوابه وبلوفراته، أن مصر عرفت البرلمانات من أكثر من قرن، وأنه لا يخترع لائحة من العدم، وعليه أن ينتهى من حالة التليين، ليبدأ فى الكلام بعيدا عن حديث البلوفر والآيباد. وأن يحس هؤلاء «الأعضاء»، على دمهم البرلمانى، ويشعرون بالمسؤولية مثلما يشعرون بالبدلات.