يعد معرض الكتاب فعالية عالمية تجمع تحت مظلتها دور النشر والمكتبات من مختلف أنحاء العالم، موفرةً لهم جميعًا منصة للاتصال المباشر، حيث يشكّل معرض الكتاب، مسرحًا لمجالات الإبداع والاكتشاف والثقافة والتواصل، فهو تظاهرة حية تجسد انفتاح المجتمع على ما أنجزته الإنسانية فى مجال العلم والمعرفة.
ومن المعلوم أن أى دولة تريد مواكبة الأمم عليها أن تهتم بالعلم والثقافة لترسيخ أسس مجتمع تقدمى وخلاق ومبدع، يكون معتز بهويته وتراثه وثقافته، حيث يكون على رأس الوسائل تقديم الدعم للمحافل الثقافية والعلمية وأولها معارض الكتب.
لكن يبدو أن الأمر فى مصر مختلف، بعد أن فوجئنا بخبر تفاصيله أن وزير الثقافة حلمى النمنم، ومحافظ الإسكندرية محمد عبد الظاهر، توجها بعد افتتاح معرض كتاب الإسكندرية، وعدد من المرافقين والصحفيين- وصل عددهم إلى نحو 80 فردًا- إلى مطعم شهير للأسماك، وتناولوا وجبات قيمتها 16 ألف جنيه، لتحتل القفشات والضحكات وتعابير القرف والسخرية وتنهمر روافد الكآبة من أفعال مسؤولين تبوء المناصب بعد ثورتين الأسفلت والميادين وجنات الخلد شهود على نزيف وسيلان دمائهم، وصبت جماجم الغضب على مواقع التواصل الاجتماعى وفى جنبات الحياة وخاصة فى ظل فترة عصيبة يحتضر فيها اقتصاد البلاد، وحكومة تدعو ليل نهار رعاياها بالتقشف وربط الحزام على بطونهم، ورئيس يطلق مبادرات وحيل للإنقاذ ما يمكن وآخرها مبادرة صبح على "مصر ولو بجنيه".
وللأسف الشديد أن بعد هذه الواقعة المضحكة المبكية، أن معرض الإسكندرية هذا العام حقق فشلًا ذريعًا على كل المستويات، فلا زائرين للمحفل الثقافى فى عاصمة العلم والمعرفة، ولا رضى لأصحاب دور النشر عن الإقبال، ولا إعلام داعم بالترويج والدعاية، ولا مؤسسات دولة ومسؤولين حاضرين وداعمين له.
وما يزعجك ويستفزك سيدى، أن هؤلاء همهم على بطونهم فقط فبدل من أن يغزوا أنفسهم "ولهم الحق فى ذلك" من جيوبهم الخاصة، وإنما قرروا أن يكون من جيوب شعب يتهالك ويعانى من السكرات اقتصاديًا وعلميًا وثقافيًا، ناسين ومتجاهلين أن "الضرب فى الميت حرام".