فاروق وناصر والسادات ومرسى أيضا بعد ثورة يوليو، عند عرض الأفلام قبل الثورة التى كان تظهر فيها صورة الملك فاروق، توصل بعض الموظفين إلى حيلة وضع «نغمشة ضوئية» على الصورة، جعلتها لافتة للنظر أكثر من الصورة، وكلما سأل أحدهم ما هذا يرد: دى صورة الملك فاروق، ويحكى الموضوع.
النتيجة أن المحو لم يمح شيئا، بل لفت النظر. بقى السؤال لماذا يتم إزالة الصورة أو تغطيتها وهى تعبر عن زمنها، وجزء من التاريخ قد يتفق معه البعض أو يختلف.
ولما جاء الرئيس السادات افتتح السد العالى وهو أحد أهم إنجازات عبدالناصر، وضع السادات صورته وتم إطلاق اسم بحيرة السد على البحيرة الكبرى التى أصر المصريون على تسميتها بحيرة ناصر، لأنهم رأوا السد والبحيرة إنجازا له لم يطلب وضع اسمه عليه. رحل عبدالناصر وواجه حملة لإزالته والتشكيك، لكن بقى عبدالناصر لدى المختلفين أو المتفقين.
رحل الرئيس السادات، وكان حسنى مبارك هو الذى جنى نتائج اتفاقيات السلام التى عاش السادات وتلقى كل الهجوم والشتائم عليها، ورحل قبل عودة سيناء، رفع مبارك العلم وتسلم سيناء وتحولت حرب أكتوبر إلى الضربة الجوية ومبارك هو صانع الانتصار.وبقى مبارك فى السلطة أكثر مما بقى نجيب وعبدالناصر والسادات معا، لكنه ما إن تنحى بعد مظاهرات يناير حتى كان أول مطلب للنشطاء هو إزالة اسم مبارك من محطات المترو والمدارس والكبارى والمكتبات.
وبقيت مناهج التربية والتعليم تتغير وتتبدل لأن من وضعوها هواة ومتحيزون، كانت هناك حملات لإزالة اسم مبارك كأنه لم يوجد، فى زمن الإخوان كانت الامتحانات والمناهج تستقبل حسن البنا وسيد قطب، بعد الإخوان تم محو مرسى، وكأننا انتقلنا من السادات إلى عدلى منصور.
اليوم تم حذف الدكتور محمد البرادعى من أسماء الحاصلين على نوبل، وهو ما يعيد الجدل، من يغضبون من وضع اسم البرادعى وقالت الوزارة إنهم اشتكوا، يقابلهم غاضبون من رفع اسم البرادعى ويعتبرون الأمر تصرفا غير تربوى، ولا يليق بمنهج دراسى. نفس هؤلاء ربما لن يهتموا بالإجابة عن سؤال حول عقلانية إزالة اسم مبارك أو محمد مرسى أو غيرهم.
الانحيازات تحكم والازدواجية ظاهرة، والأهم هو ترك مناهج التعليم فى أيدى عقليات تفتقد إلى التمييز بين ما هو تاريخ وما هو موقف اختلاف أو اتفاق. الواقع أن مبارك كان رئيسا لمصر ثلاثين عاما، ومرسى أيضا.
والبرادعى حصل على جائزة نوبل للسلام وهو رجل قانون دولى، هذا هو الواقع اختلف واتفق مع الاستحقاق. أو مع وحول أى من هؤلاء لكن فى التاريخ أو الوقائع لا يمكن الخضوع للهوى، لكنها الانحيازات والازدواجية التى تتصور أن نغمشة تمحو شخصا.