الوزراء الجدد مكلفون بمهمة واحدة.. إنقاذ الاقتصاد هناك حاجتان ملحتان ومعلومتان للتغيير الوزارى الأخير، الأولى تنفيذ ما نص عليه الدستور من ضرورة إعادة تسمية رئيس الوزراء وتكليفه بمهمة تشكيل الحكومة فى مدى زمنى محدد بعد انعقاد البرلمان، والحاجة الثانية هى ضرورة إزاحة الوزير الموظف والوزير البيروقراطى والوزير محدود الخيال والإبداع واستبدالهم على الفور، لأن الخسارة من التغيير الوزارى حال عدم اتباع منهج الابتكار والإبداع، أضخم بكثير من الخسارة حال بقائه فى منصب.
الحاجة الثانية وراء التعديل الحكومى أهم من الأولى، وإن كانت الأولى حتمية لتحقيق الشرعية الدستورية، فالدولة تواجه عجزا غير مسبوق فى الموازنة العامة ونقصا كبيرا فى الموارد نتيجة لمجموعة ظروف داخلية وخارجية، ومن ثم فإن أى حكومة تتولى المسئولية لابد أن تتحلى بقدر كبير من الابتكار والاجتهاد لمواجهة التحديات الراهنة، وهى فى المجمل تحديات اقتصادية وأمنية.
وإذا كانت التحديات الأمنية واضحة فيما يتعلق بمواجهة الإرهاب وحماية الحدود وإجهاض محاولات اختراق الأمن لضرب الاستقرار، فإن التحديات الاقتصادية متشعبة وتحتاج مجموعة وزارات متناغمة لتحقيق موارد كبيرة للدولة تغطى تكاليف عملية التنمية، وتزيد من الاحتياطى النقدى وتسد العجز الكبير فى الموازنة.
وزراء المالية والاستثمار وقطاع الأعمال الجدد عليهم العمل على تطبيق سياسات مالية واقتصادية جاذبة للاستثمار وتحقيق إصلاحات ضريبية ضرورية والنهوض بمجموعة المصانع والشركات الحكومية لتتحول من عبء غير منتج على الدولة إلى جهد مضاف للقوة الإنتاجية الأساسية، وتحقق أرباحا، وذلك من خلال اتباع سياسات حقيقية للتطوير وإعادة الهيكلة.
وزارة المالية تحديدا، عليها التعامل مع تحديات انتشار الفقر والارتباك الضريبى بكثير من الجرأة والشجاعة، ومن خلال مناهج شاملة، فمواجهة الفقر تحتاج إلى مشروعات واضحة وبرامج للتأهيل واكتساب المهارات قبل خلق فرص العمل لهؤلاء الفقراء، بالتعاون مع المؤسسات الدولية والجهات المانحة المعنية بهذه القضية، كما أن ملف الإصلاح الضريبى يحتاج إلى قرارات شجاعة لا تخشى أصحاب المصالح أو الأصوات العالية التى تغلّب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة للدولة، وهناك ثلاثة ملفات تحديدا يتوقف عليها نجاح الوزارة فى تحقيق الإصلاح الضريبى، أولها ملف الضرائب على الأرباح فى البورصة، والثانى تفعيل مشروع الضرائب العقارية والثالث وهو تطبيق نظام الضرائب التصاعدية المتفاوتة من الفقراء ومحدودى الدخل إلى الأثرياء.
وزارة قطاع الأعمال العائدة بعد تعطل دام اثنى عشر عاما، تسعى لعلاج أمراض مائة وستين شركة ومصنعا كبيرا مازالت تسيطر عليها إدارات بيروقراطية شائخة، تجعلها غير قادرة على المنافسة، وبالتالى ترزح تحت زيادة متنامية فى المديونيات وكثافة غير مبررة للعمالة التقليدية، ومن ثم تحتاج إلى هزة شديدة، تنفض عنها القيادات الشائخة وتعيد تأهيل العمالة الموجودة وتربطها بنظام حديث للأجور، حتى تستطيع هذه الشركات والمصانع الوجود من جديد فى السوق.
أما وزراء السياحة والآثار والطيران المدنى فينتظرهم عمل كثير فى المرحلة المقبلة، مع استئناف حركة الطيران مع روسيا والدول الأوروبية التى علقت رحلاتها بعد حادث تحطم الطائرة الروسية فى سيناء، ومن الملفات المطروحة بقوة مثلا كيف نخرج من تحت هيمنة شركات السياحة التركية التى تحتكر الأسواق الروسية والأوروبية وتحقق أرباحا خيالية وتلقى إلينا بالفتات؟ وكيف نجمع المستثمرين ورجال أعمال القطاع السياحى للاستثمار فى شركات طيران الشارتر، باعتبار أن من يملك شركات الطيران يتحكم فى السوق السياحية، وكيف نسوق المناطق الأثرية المجهولة لدينا، وقبلا كيف نحمى السائحين من فوضى الباعة الجائلين وتعديات المتحرشين والخيالة والجمالة بالمناطق الأثرية؟.
إجمالا، الوزراء الجدد تنتظرهم تحديات ضخمة للخروج من مرحلة الفوضى والتسيب والإهمال لمرحلة العمل الجاد وبذل الجهد، بل والحرب لتعويض ما فات، فهل يدرك الوزراء الجدد المهمة الملقاة على عاتقهم؟